في انتظار تفاصيل النموذج التنموي الجديد 2/1

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ننتظر زلزالا سياسيا
منذ أربع سنوات، أي في يوم 13 أكتوبر 2017، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الأولى، رسم ملك البلاد الدعوة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي القائم، والتفكير في تحيين هذا النموذج، ثم عاد إلى الفكرة من جديد، بعد عشرة أشهر، بالضبط في 29 يوليوز 2018، بمناسبة ذكرى عيد العرش، وقتها تقدم قليلا في رسم ملامح النموذج القائم حيث أوضح أن حجم العجز الاجتماعي ومتطلبات العدالة الاجتماعية والمجالية يدعوان إلى تجديد النموذج التنموي الوطني.
وبعد ذلك، وفي السنة الموالية، دقق جلالته في الموضوع، بالتنصيص في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الثانية، يوم 12 أكتوبر 2018، على أن “النموذج التنموي للمملكة أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي”.
ودعم التوجه الاجتماعي للنموذج المنتظر، من خلال عبارات الخطاب ذاته حول حاجة “المغاربة اليوم إلى التنمية المتوازنة والمنصفة التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل، وخاصة للشباب، وتساهم في الاطمئنان والاستقرار والاندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية التي يطمح إليها كل مواطن؛ كما يتطلعون إلى تعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع إلى الخدمات الاستشفائية الجيدة في إطار الكرامة الإنسانية”.
وجاءت الدعوة في خطاب عيد العرش يوم 30 يوليوز 2019، إلى مراجعة وتحيين النموذج التنموي الحالي، من خلال صياغة مشروع نموذج تنموي جديد يرقى إلى تطلعات وطموحات المغاربة ويحقق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا.
ووضع الملك عتبات صياغة هذا المشروع، من خلال الإعلان عن إحداث لجنة استشارية خاصة بالنموذج التنموي الجديد، وقال جلالته إن هذه اللجنة “لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيئة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن”، لجنة، سنتعرف من بعد أنها تضم “مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا”…
كانت هذه الخطاطة كلها تتم في وضع «عاد»،تقريبا، بالرغم من أن المهمة كانت غير عادية ومستجدة فعليا…
شاءت الأقدار أن تختم اللجنة أشغالها، بعد أن يمر المغرب، والعالم لامتحان شديد المراس وقوي، للنماذج التنموية عبر العالم كله.
كما يحدث للحديد الذي يعمد بالنار ليصهر وتصاغ منه الوسائل التي تحتاجها البشرية..
ننتظر اليوم نتيجة عمل غير مسبوق، متراكب، متشابك بآثار على المستقبل القريب والمتوسط والبعيد لبلادنا.
يستوجب من السياق الحالي أن نخرج بمعان أولية حول هذا الامتحان الشامل.
– أولا: دبر المغرب، بواسطة نموذجه «القديم» القائم، لحظة من أقسى اللحظات في حياته، وهي أزمة الوباء التي ركعت الاقتصاديات ذات النموذج الواثق من نفسه، والذي أثبت جدارته في الأوضاع العالمية العادية…
ويمكن القول، بالفعل، إن تدبير أزمة ركعت نماذج صلبة، ينم عن إرادة قوية في الفوز، وفي النجاح.
وعليه فإن المطلوب، قبل النموذج وبعده، هو إرادة صلبة وقوية واستباقية، كالتي عاشها المغاربة مع قرارات ملكهم وقائدهم ..
بالنموذح القائم، والمسنود بإرادة سياسية قوية وواضحة، استطاع المغرب أن يعبر كورونا بنجاح إلى حد الساعة..(ألم تتكلم الصحف الإسبانية عن المعجزة المغربية؟(.
واستطاع خلق «خدمة وطنية» تعبوية، حول هذه المهمة حتى ولو كان قد أقر، على لسان عاهله، بأن النموذج لم يعد يستجيب لتطلعات المغاربة.
يتبع
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 26/03/2021