قراءة في تشكيلة الوفد المغربي.. وفي سياقه؟ القطيعة والاستمرار في لقاء جنيف…
عبد الحميد جماهري
تنطلق، يوم غد بجنيف، أولى جلسات المائدة المستديرة ذات الصلة بقرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء المغربية..
لعل أول شيء قد يغري بامتحان القراءة واستخلاصاتها هو تشكيلة الوفد، فهو يضم عضوين رسميين، أي من الجسم الديبلوماسي ممثلا في وزير الخارجية ناصر بوريطة والممثل الدائم في الأمم المتحدة عمر هلال، كما يضم ممثلين عن الجسم التمثيلي المنتخب، هما ولد الرشيد وينجا الخطاط..وهو بحد ذاته تكريس لقوة التمثيلية عبر الانتخابات ثم المجتمع المدني عبر فاطمة عدلي والتي يعكس وجودها في الوقت نفسه التجاوب مع إرادة الأمم المتحدة…
ولعلنا، ونحن نقوم بهكذا استخلاص، يمكن في الوقت ذاته أن نقول إن كل حضور هنا هو زاوية للقراءة… أي زاوية الديبلوماسية الرسمية والتمثيلية ذات الشرعية الانتخابية وأخيرا المجتمع المدني …
-أقوى عنصر في شبكة القراءة هو أن ثلاثة أعضاء من أصل خمسة5/3هم من أقاليم المغرب الجنوبية..وهذه النقطة تعطي قوة لا تخفى لتمثيلية الوفد وأيضا لمآلات المائدة نفسها…
-ليست هناك تقاطعات ما بين التركيبة الحالية وما سبقها من تشكيلات في مانهاست. وهو أمر لا بد من التأشير عليه، بل إن الجوهرى هو القطيعة بما فيها من رسائل… ومعنى هذا أن المغرب يريد أن يقول إن الأمر يختلف عن السابق ولا بد من التأكد من إرادة الفعل الجاد باتجاه الحل، للانخراط في مسلسل المفاوضات..
ما زلنا نذكر أن الوفد ضم، في السابق، بمانهاست 2012، الأمين العام للكوركاس خليهن ماء العينين، غير أن الكوركاس وقتها، كما نعلم، كان فيه نصيب التعيين أكبر من نصيب الانتخاب، كما هو حال العضوين الحاليين..
وفي الانتخاب، سؤال عميق يتعلق بالتمثيلية الفعلية..
* واذا كان هناك ولا بد من الاستمرارية فيجب أن نبحث عنها في لقاء الوفد المغربي مع المبعوث الأممي كوهلر في برشلونة..
والذي جاء بدوره، قطيعة في المكان كما نتذكر…
إذ لم يلتق ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مع هورست كوهلر، في العاصمة الألمانية برلين، كما جرت العادة مع وفود ممثلي جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، بل في مدينة لشبونة البرتغالية….
وشارك في هذه المناقشات الثنائية حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، بالإضافة إلى عمر هلال، الممثل الدائم لدى الأمم المتحدة.
وهنا ملمح آخر من الاستمرارية مع لقاء برشلونة، يتمثل في كون أربعة من أصل خمسة في الوفد كانوا في ذلك اللقاء ويشاركون في جنيف….
إنها أيضا لحظة امتحان لهذه الإرادة واختبار لما يمكن أن تكون عليه جلسات الحوار..
من نقط الخلاف أيضا في اللقاء الحالي، هو السياق الذي تدور فيه الجولات…، حيث يستند إلى قرارين من قرارات مجلس الأمن متقدمين عما سبقهما في تقدير الموقف الأممي.
من الواضح أن اللقاءات السابقة، لقاء غشت 2009 بالقرب من فيينا وفبراير 2010 بالقرب من نيويورك ولقاءات مانهاست 2010و2011 الأولى والثانية، كانت مؤطرة بدورها بقرارات مجلس الأمن 1813 (2008)، 1871 (2009)، 1920 (2010) 1979 (2011 …، غير أن القرارين الأخيرين، والتقارير الصادرة عن الأمين العام، غيرت من السياق بالتركيز على:
– التأكيد، لأول مرة على أن مدونة سلوك تلزم الجميع بحيث يكون حضور المغرب، الجزائر، البوليزاريو وموريتانيا حضورا دائما، أي طوال مدة اللقاء والمناقشات، ولا يسمح لأي من المدعوين بالتعامل المزاجي مع اللقاءات -الاكتفاء بالحضور الافتتاحي ثم الاختتام (..
– تدقيق الجلوس بين المعنيين والمدعوين، عبر التدقيق في شكل المائدة، بأن تكون مستديرة، لا يسمح شكلها، كا سبق في اللقاءات التي ذكرناها، بالتمييز أو الترتيب أو الإيحاء بأن البروتوكول بحد ذاته يفرق بين الجالسين حول الطاولة كالمعنيين والمراقبين كما تدعي أطراف مدعوة اليوم..
– سيتقدم المدعوون إلى مائدة جنيف، شبه متحررين من نقاشات مفروضة بيزنطية متعالية حول تأويل القرارات المتعلقة بوقف إطلاق النار، والاستفزازات التي ترافق ذلك، بخصوص أساطير مؤسسة للمواقف الانفصالية والداعمة لها، من قبيل الأراضي المحررة ومناطق نفوذ الانفصاليين وما إلى ذلك.. ونذكر في هذا السياق المواقف الحازمة لتقرير الأمين العام غوتيريس وأيضا القرار 21 الخاص بالصحراء..
هذه السياقات، تفضي بنا إلى مضامين اللقاء، من زاوية جدول الأعمال، ولحد الساعة، يبدو جليا أن المناقشات تحدد من خلال تطورات السياق الإقليمي، وهو مدخل لا يمكن إغفال ظلاله التي سيرخيها على اللقاء، والذي قد يسلط الأضواء على العديد من النقط المتعلقة بالمبادرات التي تقدم بها المغرب،
سواء بالنسبة للقضية المركزية ـ من خلال الحكم الذاتي أو من خلال الوضع الإقليمي من خلال مقترح آلية التشاور الثنائية مع الجزائر لتبليط الطريق نحو انفراج إقليمي، مغاربي في جوهره ….
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 05/12/2018