قراءة في قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء (2) مضامين القرار وشروط التفاوض …
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
إذا كان المغرب قد نجح في امتحان الزمن الخاص بالمينورسو، فهو قد استفاد من تاريخ الصراع حول تحولات هذه المهام التي رسمتها لها اتفاقية وقف إطلاق النار.
وفي التقدير الشخصي لعبد لله الفقير إلى رحمة ربه، فقد ارتبطت المينورسو، أول ما ارتبطت، كما يدل عليه اسمها الرسمي، بالاستفتاء.
وقد اتضح، منذ زمان غير يسير، بأن هذه القضية قد أصبحت متجاوزة بل إن المينورسو فشلت في توفير شروطها….
ومعلوم أن القرار 691 الذي تم بموجبه إنشاء «المينورسو» قد حدد مهامها في تنظيم الاستفتاء ومراقبة وقف إطلاق النار ..
وجاء ذلك بعد أن أجرت الأمم المتحدة في عام 2000 تقويما شاملا لتسع سنوات من محاولة تنفيذ مخطط التسوية، وخلص تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير 2000 إلى أن كافة الجهود التي بذلت من أجل التوفيق بين الجانبين باءت بالفشل. فصرح كوفي أنان أنه بناء على المشاورات التي أجراها مع مبعوثه إلى الصحراء فإن «تنفيذ خطة التسوية تعرقلت سنة بعد أخرى على مدى السنوات التسع الماضية، بفعل خلافات أساسية بين الطرفين. ومع استحالة تنظيم الاستفتاء فإن اتفاق الإطار أو الحل الثالث مرفوض من طرف الجزائر والبوليساريو، وكذلك خيار التقسيم كمقترح جزائري مرفوض مسبقا من المغرب».
وأعلن العديد من المسؤولين الأمميون استحالة إجراء الاستفتاء، من بينهم خافيير بيريز ديكويلار، الذي كان هو نفسه وراء مقترح الاستفتاء في 1988، ومبعوثون آخرون، منهم المبعوث الخاص بيتر فان فالسوم، في 2008، حيث ذهب أبعد من ذلك مؤكدا استحالة إنشاء دولة مستقلة في المنطقة..
القراءة الممكنة للقرار الجديد، بيَّنها المبعوث المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال الذي أبرز أن هناك عنصرا أساسيا «يتمثل في تجديد مجلس الأمن التأكيد على موقفه منذ سنة 2001 بشأن انتهاء صلاحية الاستفتاء الذي أقبر بشكل نهائي». وبعد أن تم فك الارتباط بين المينورسو ومهمتها الأصلية، كانت الرتبة الثانية، رغم القرارالرابط بينهما، هي وقف إطلاق النار..
وقد رأينا كيف أن هذه المهمة صارت عقدة المنشار، كما يقول المغاربة، في لحظات من تاريخ الصراع، نذكر منها فقط ثلاث لحظات:
– محاولة توسيع مهامها لتشمل حقوق الإنسان، وبالرغم من وجود إرادة أمريكية وراء هذه المحاولة أيام الحكم الديموقراطي، فإن الموقف المغربي الصارم ـرسالة الملك وخطابه الحاد في 2014- كأوج التعبير عنه، قد أفشل المهمة.
– معركة بان كيمون، وما قد جره موقفه المنحاز من مواقف مغربية كان من تعبيراتها الطرد المعلن للبديل المدني المكلف بالاستفتاء، مع فتح باب الاحتمال لتوسيع قرار المغرب حول المينورسو وارتفاع المطالب بالتخلي عن مهامها.
– تزايد التوتر حول الكركرات وتيفاريتي وبير لحلو، والتي هدد فيها المغرب باستعمال القوة للدفاع عن الأصل في المهمة، عوض الادعاءات الانفصالية..
وقد تبين الآن أن هذه الفكرة بذاتها، لم تعد هي محور المهمة، التي انتقلت في المرحلة الحالية إلى الارتباط بالمفاوضات السلمية والحل السياسي..
نحن إذن أمام مرحلة ثالثة في دورية مهمة المنيورسو، وهي التفاوض السياسي من أجل الحل، بعيدا عن مسارات سابقة، طغت عليها عناوين معروفة ومستهلكة..
والواقع أن التفاوض المغربي اليوم، يجب أن يستشعر هذا الانتقال الجديد نحو أفق جديد.
وبالتالي فإن التفاوض لا يمكن أن يكون ضمن الأجندات التي سبقنا إلى استعراضها..
والمضامين لا يمكن أن تكون هي نفسها التي وصلت إلى الحد النهائي لها.. كأسطوانة الاستفتاء، والأراضي المحررة والتعامل على قدم المساواة بين دولة كاملة الشرعية والسيادة وكيان يحتاج إلى حامل إيديولوجي أو إقليمي لكي يكون..
ويمكن أن نغامر، بغير قليل من الحيطة والتوجس، ونقول إن قرار مجلس الأمن الأخير يستجيب لجزء من مضامين التفاوض التي يقترحها المغرب..
الأمر الأول يتعلق بأجندة الاجتماع، ثم الأطراف المشاركة وثالثا الأفق الذي يجب الاشتغال ضمنه.
بالنسبة للأجندة ستتحدد بعد انتهاء المفاوضات حول المفاوضات .
بالنسبة للأطراف نجد أن القرار رقم 2440 بشأن قضية الصحراء المغربية، يكرس، للمرة الأولى، دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية السياسية»..
وعليه فإن الجزائر «ستشارك في هذا الاجتماع بنفس الصفة أسوة بالمغرب وموريتانيا».
وهي مطالبة بالمشاركة في اجتماع جنيف بحسن نية ودون شروط مسبقة وبروح من التوافق، وكما عبر عن ذلك ممثل المغرب عمر هلال، فإن «هذا المطلب الصريح الموجه إلى الجزائر لا يهم المائدة المستديرة بجنيف فحسب، بل يشمل العملية السياسية برمتها، إلى حين انتهائها، كما تنص على ذلك الفقرة الثالثة».
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 06/11/2018