قرار مجلس الأمن اليوم الجمعة: السياق والمعنى

عبد الحميد جماهري
القرار الذي سيصوت عليه مجلس الأمن يومه الجمعة، هو أول قرار يصدر في قضية صحرائنا الوطنية، بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب عليها.
ولأن أمريكا هي صاحبة القلم، أي الدولة التي تصوغ القرارات المتعلقة بالصحراء وتناقشها وتتفاوض عليها مع الدول الأخرى العضوة فيه، فإن هذا المعطى جوهري في فهم السياق الحالي.
القرار يصدر أيضا بعد فشل ضغوطات كثيرة، منها ضغوط دول كبرى من أجل دفع أمريكا بايدن إلى التراجع عن اعتراف أمريكا ترامب، نذكر منها ألمانيا وإسبانيا وروسيا…
وهو أول قرار بعد تطهير الكركرات، والذي خلق وضعا ميدانيا جديدا، وحقق السلم والاستقرار، وأفشل «استراتيجية الكماشة» التي أراد بها الخصوم قطع الطريق الحيوي الرابطة بين المغرب وباقي القارة الإفريقية…
وهذا التطهير حاولت الأطراف المعاندة لحق المغرب اتخاذه ذريعة لإعلان التوقف عن الالتزام بوقف إطلاق النار، وقد اعتاد الخصوم أن يحاولوا الضغط على المجتمع الدولي بإعلان حروب وانهيار الوضع وبداية الحرب… إلخ، عند كل محطة تصويت أممية.
وتبين أن سيناريو فرض التصعيد الكبير على المجتمع الدولي، كان في الوقت ذاته، في العرف الاستراتيجي للدولة الخصم، محاولة «استراتيجية لاستنزاف عسكري».. للمغرب!
هذا السيناريو فشل والنص الجديد يأتي في سياق هذا الفشل…
وقد كان المقصود من ورائه، في الحالة الراهنة، السعي لضبط شروط جديدة للمهمة الأممية في المنطقة. وذلك بمحاولة فتح صفحة جديدة من التفاوض حول وقف إطلاق النار جديد، بشروط جديدة أيضا.
ويلتقي ذلك مع الإعلان الرسمي للجزائر بالخروج من الموائد المستديرة…
وبالتلخيص السريع، فقد كانت مقومات تحركات الخصوم هي فرض حالة حرب، تقود إلى تفاوض جديد حول وقف إطلاق النار، وتغيير من شروط المهمة الأممية للمينورسو، مع إضافة عنصر جديد اسمه حقوق الإنسان.
والواضح أن هذه المقومات لخطة العدو قد سقطت كلها في الماء الضحل للحسابات النيئة…
وعليه، فإن المجتمع الدولي، باستثناء بعض المنابر المحدودة، لم يشر ولو من بعيد إلى قرار الجزائر الانسحاب من الموائد المستديرة، بل إن المتوقع، بناء على الجلسات المغلقة لمجلس الأمن وتقرير الأمين العام المقدم إليه في شهر الناس هذا، أعاد التأكيد عليها، كما فعل في قرارات سابقة منذ 2017…
وبذلك تجاهل الاعتراض الجزائري على الموائد المستديرة.
بالنسبة لانهيار وقف إطلاق النار، فالقرار سيكون واضحا لا لبس فيه: الإقرار بذلك، ولكن مع تحميل المسؤولية في الفقرات المباشرة منه للطرف الذي انتهك وأعلن وقف إطلاق النار، وقد تحدث غوتيريس عن التزامات البوليساريو أمام الأمم المتحدة، وهو ما يفيد بأن المعني به هو من أعلن عدم الالتزام بالاتفاق العسكري لسنة 1991…
سيكون على القرار أيضا الرد على ما سمي بالجبهة البديلة التي أرادها الخصوم جبهة حقوقية. أي تعنى بحقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية.
لقد تألبت كل القوى المناهضة لنا، ومنها المبعوثون الخاصون المنحازون والجزائر والزعيم ابن بطوش وغيرهم، من أجل توسيع مهام المينورسو وتدبيج مهمة مراقبة حقوق الإنسان كجبهة بديلة للمعركة، وهو إقرار بأن الجبهتين السابقتين، الاستفتاء أو الحرب فشلا فشلا ذريعا…
في الواقع عوض التوجه نحو فتح الجبهة الحقوقية كل القرائن والوقائع والمعطيات تميل إلى تكييف مهمة المينورسو مع وظيفة الحل الاستراتيجي، مع التأكيد على أولوية الحكم الذاتي، والعبارة المعبر بها في قرارات المجلس السابقة، تعني حلا سياسيا واقعيا وعمليا ودائما ويعرف الانفصاليون والجزائريون في النظام أنها تعني الموافقة على الحكم الذاتي!
وما من شك أن الجديد في القرار، سيكون إعادة النظر في وظيفة المينورسو من خلال محضر الاستحالة إذا شئنا، ومعاينة صعوبة أية مهام تقليدية… وهذا لا يضر المغرب.