قرن على معركة أنوال:أسئلة الحاضر على ضوء التاريخ

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
فرسان كثر يمثلون المغرب في أولمبياد الخلود،
فرسان كثر سكبوا دمهم في طريق المجد،
لنصل نحن إلى الحاضر ونسير نحو المستقبل.
فرسان كثر خاضوا معارك الشرف المنذورة للأبدية، مثل أنوال، التي طبعت القرن العشرين بكامل نبلها.
لقد مر، اليوم، قرن من الزمان على المعركة التي خاضها محمد بن عبد الكريم الخطابي، وأبناء الريف، باسم الحرية وباسم المغرب.
تعود الملحمة في سياق يستوجب أكثر من الاحتفال وأكثر من النشيد…، نحن نخلد قرنا من ملحمة وطنية قام بها أبناء الريف البسطاء، بقيادة محنكة ابتدعت للبشرية حرب التحرير، التي يواجه بها البسطاء آلات الحرب، في بداية القرن الذي ودعناه، وأسلحة جيوش تحذوها الخيالات الأمبريالية والنزعات التوسعية، وطابت لها الشعوب المقهورة ..
ويقوم الدليل، مرة أخرى، على أن الإرادة الصلبة والتخطيط الجيد وقيم نكران الذات ومحبة الأرض كفيلة كخزان للانتصار والفوز …
ونحن نخلد ملحمة، وبطلها مدفون غريبا عن وطنه، شاءت سياسات سابقة أن يكون المنفى …هنا!
والحال أن مبادرات ملك البلاد في ترجمة المشترك الوطني إلى مصالحات محلية، و التراث المضيء محليا إلى مشتل وطن جامع، مكنتنامن تغيير المعادلة
آن الأوان أن نستكمل المصالحة مع الريف، بشكل ديناميكي، يجعل من عودة رفات البطل محمد بن عبدالكريم الخطابي لحظة توهج جديدة لاحتياطنا من المجد، وأيضا لحظة لكي يستعيد الريف الذكرى في وضع بهيج، بكامل أبنائه، وليحتفل بهذا النصر الخالد، بدون قفازات ولا تربصات، في وضع انفراج واسع، يقوي من عمودنا الحضاري!
تعود الذكرى، والبنية الاستعمارية، ذهنيا وسيكولوجيا، تبدو أنها ما زالت في وضعية سليمة، أو مغمورة فقط بقشور السياسة، كما اتضح عند الأزمة التي مرت بيننا وبين إسبانيا.
لقد علا صوت الحنين، وانشد الكثيرون، يمينا ويسارا، أناشيد الذهاب إلى الحرب المقدسة، والبحث عن حلفاء الجوار الحضاري ضد «المورو»، ولم تتردد قوى الحنين في الكشف عن وجهها والدفاع عن قاموس العشق الاستعماري…
ولم تشعر إسبانيا العتيقة بأي عقدة إزاء من أطلقت عليهم الغازات السامة، وشردتهم وأجبرتهم على الخدمة العسكرية لفائدتها…
والواقع أن المغرب تساهل كثيرا في هاتين النقطتين بالضبط، فالطبقة السياسية الإسبانية لا تتردد في الإفصاح عن «عقدتها إزاء الشعب الصحراوي»، الذي أرادت بناء دولته تحت جزمات الجنرال فرانكو، ولم تتردد في أن تعرب عن استمرار هذه العقدة لتبرير وقوفها في وجه المغرب.
هناك عقد مغربية لدى إسبانيا لا بد من أن تعترف بها.
هناك عقد لا يجب أن نمنحها امتياز التحرر منها، وهي عقد التقتيل الجماعي بواسطة أسلحة محرمة دوليا.
وهناك عقد مغربية لا يمكن أن نحرر أصحاب القرار منها، وهي الذاكرة المؤلمة، بيننا، والتي تتحمل فيها إسبانيا وزر الاستعمار الوحشي، التوسعي..
هناك مساحات من المشترك، المتوسطي والحضاري، واللغوي والتراثي والمعماري.
هناك جزء من خيال مشترك، لا يمكن ركنه في جانب ثانوي من المعادلة، التي تكشفها ذكرى معركة أنوال..
هذا المشترك يجب أن نسعفه بالحقيقة، ونسعفه بالصراحة ولا بد من أن ينتصر على مخاوف تعود بجزء من النخبة الماسكة بزمام الأمور إلى نقطة الرهاب الاستعماري!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 16/07/2021