كلما رأيناكم غاضبين، زدنا ثقة في المستقبل

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

العدو يهاجم الجيش، والأمن والديبلوماسية؟

اليوم، وغدا سيصدر عن جبهة البوليزاريو بيانان ناريان، رقم 70 و71، تتحدث الجبهة فيهما عن هجماتها »ضد معاقل الجيش المغربي لليوم 70 و71 على التوالي«، في تأريخ عكسي عن هزيمتها منذ تطهير الكركارات من فلولها…
وفي تمرين يومي صار مثل الحمية التي يحتاجها الميؤوس منه في تنشيط الأوهام بصحة جيدة…
وستتحدث عن »تدمير القواعد المستهدفة والتي تصاعدت منها أعمدة دخان كثيفة» لا يراها أحد سوى المصابين بعمى الألوان وعمى الواقع معا.
طبعا في اعتقاد المدبجين الافتراضيين، كل الصواريخ وصلت إلينا وقتلت من قتلت، وكل القنابل انفجرت وخلفت فينا عشرات الجرحى والمقعدين والمعطوبين والضحايا، وكل الدبابات توشك أن تصل إلى الرباط،
والجدار الأمني صار رمادا بعد 70 يوما من الحرب، وصارت الجثث التي تملأ الصحراء …أكثر من عدد حبات الرمل.
بعد الهجومات الافتراضية على الجيش الملكي الباسل ستنشر وكالة الأنباء الجزائرية مقالات لخبراء لا يعرفهم أحد سوى الجنرالات المخبرين في دهاليز الوكالة، وفي ثكنات العسكر الفصامي في الجارة الشقيقة، يهاجمون فيها قوات الأمن ويتحدثون عن »دولة بوليسية وعن نظام رهين أجهزته!«
وسنقرأ عن »المخابرات المغربية ويدها الطولى في تحديد سياسات المخزن !« وعن اصطفاف »وزارتي العدل والداخلية، عندما يتعلق الأمر بنزوات »محمد زيان المحامي وزعيم الحزب الليبرالي المغربي، رفقة إحدى موكلاته«!
وفي اليومين المواليين، سيصدر بعض الباحثين وسياسيين انتهت مدة صلاحيتهم تحليلات عن الفشل المرتقب للمغرب في ملف الصحراء، وعن نوايا الأمريكي »جو بايدن« التي لا يعرفها أحد غيرهم….
وفي نهاية الأسبوع، سيعود إلينا ضيوف نادرون، مثل قصب السكر في الصحراء، ومثل الدناصير، يتحدثون عن البوليس الذي يصنع الأديولوجيا والسياسات في بلاد المغرب الأقصى!
لا يرون تطورا ولا تقدما ولا سياسيين ولا مجتمعا حيا ولا دستورا ولا شيء، يرون فقط استيهاماتهم على شاشة التدبيج الافتراضي، وتحليل العقد الخاصة بهم على ضوء الكومبيوتر !
وبعد المانشيط العسكري والأمني، تتابع الجزائر جولة وزيرها في الخارجية وهو يتنقل من مطار إلى مطار، يحشد البيانات ضد المغرب، وضد ما تحقق في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي عواصم العالم، بعد مؤتمر الأربعين دولة التي ساندته…
ويزوّر في بريتوريا بيانات القمة 14، ويوزع الصكوك الثورية في لوسوتو ويبشر بنهاية الانتصار المغربي…
وفي الهجوم، نجد الغريب والأغرب منه:
المغرب ورط أمريكا حسب ناطق رسمي بالسويد يدعى حدي الكنتاوي، ووضعها في موقف حرج أمام العالم، وفي الوقت ذاته، كل خرجاتنا الديبلوماسية في الصحراء، «مجرد شطحات سياسية وفقاعات إعلامية«…
وهناك خبير آخر اسمه أحمد كروش سيذهب حد اتهامنا بأننا نستدرج أمريكا إلى خطأ العمر !
كم هي قاصرة أمريكا، وفي حاجة إلى معارضين مجهولين من المغرب لينقذوها من ورطتها ويوجهونها إلى الطريق المستقيم!
وهناك، أيضا، مراهنة على جو بايدن في إنقاذ المعارضة في الخارج، وأن يصير لها صوت، وأن يعمل الرئيس القادم لفائدتها…
الجيش والأمن بكل أجهزته والديبلوماسية كأهداف للهجوم إذن، فاختيار هاته القلاع الثلاث ليس صدفة في السياق الذي يعيشه المغرب.
ليس صدفة هذا الكذب على معارك وهمية لترميم الوهم في الميدان، والذين عجزوا عن مواجهة الكركرات، صاروا ينشطون خيالاتهم ببيانات تتحدث عن معارك ضارية، في الطريق إلى »نهضة الصنادلة العظمى«!
وليس صدفة هذا الهجوم على أجهزة الأمن، من الداخل والخارج، في الوقت الذي يقر فيه العالم، والعواصم الرئيسية، أن الاستقرار الأمني كان طريقا واضحا نحو ريادة المغرب ونحو صدارته في المنطقة…
وليس صدفة أيضا أن تكون المكتسبات المغربية الديبلوماسية موضع طلقات من كل حدب وصوب..
لكن ـ لأن هناك دوما »لكن« مغربية واضحة ـ :
منذ مدة اختار المغرب طريقته في الثأر لنفسه من الخصوم..
وهي طريقة بسيطة، لا تحتاج إلا للحكمة:
هي…، ألا يشبههم!
وفي الواقع، لقد حذرنا نابوليون، منذ قرنين على الأقل، من عدم تنبيه العدو عندما يكون في طور ارتكاب الخطأ… لا لشيء إلا لكي نقوم بالعكس!
والعكس هنا هو تحية كل الذين يضعون لنا مكانا تحت الشمس الساطعة للفوز.
ونقول: كلما رأيناكم غاضبين، زدنا ثقة في المستقبل…
يتبع

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/01/2021