كيف يحدث لدولة عظمى أن تتعاون مع إرهابي؟
![](https://alittihad.info/wp-content/uploads/2020/04/hamid-jmahri.jpg)
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ألمانيا تسلمت معلومات من المخابرات المغربية، وسلمتها إلى إرهابيين!
من كان يصدق بأن ألمانيا، عاصمة المنطق والكانطية والهيجيلية وبسمارك والسمفونيات الخالدة، هذه الألمانيا ستتعاون مع إرهابي، فقط لكي «تقلي السم» ( كيف نقول ذلك باللغة الألمانية؟)، لكي تنزل إلى مستوى ضرب المغرب بإرهابي ومحرِّض، وتحوله إلى وسيلتها البشرية في التعبير عن احتجاجها من المغرب الذي لم ينصع لمطالبها؟
من كان يصدق بأن الوسيلة التي وجدتها برلين لكي تسيء للمغرب، وتدخل منطق ابتزازه هي أن تجمع في طلقة واحدة، العداء لقضيته الوطنية ثم ضرب موقعه الإقليمي وأدواره في القارة وفي شمال إفريقيا.. بتسليح إرهابي مدان سابقا، بكل منصات الإعلام والتلفزيون، لكي يحرض ضد المغرب وضد أجهزته الحارسة للبلاد؟
من يصدق أن الضغط من أجل مصالح اقتصادية، لم يعد موضوعها سرا لدى الألمان والمغاربة على حد سواء، يمر عبر التحريض على الإرهاب؟
هل بول يوزِف غوبلز لم يمت؟
هل هاينريش هيملر والغيستابو ما زالا ينشِّطان اللاوعي البوليسي للمخابرات الألمانية؟
لنا أن نغضب بالفعل ونحن نقرأ بلاغ الخارجية المغربية.
فقد اجتهدنا كثرافي تحليل مواقف ألمانيا من المغرب، واستنجدنا بقواميس الجيواسراتيجيا والتحليل الجغرافي والتوقع الدي بوماسي، وغير ذلك مما يفرضه المنطق في تفسير العلاقت بين الدول، إلى زن اكشتفنا أن المانيا «متواطئة أحد المدانين السابقين بارتكاب أعمال إرهابية، بما في ذلك كشفها عن المعلومات الحساسة التي قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية»!
احتراما لعقولنا ولعقول المغاربة كان لا بد من البحث في جهة أخرى عن الاساب الحقيقية!
أسباب قد تكون وضيعة حتى…
لنقرأ الموضوع من أوله…
قرر المغرب استدعاء سفيرة جلالة الملك ببرلين للتشاور، بعد أن راكمت جمهورية ألمانيا الاتحادية « المواقف العدائية التي تنتهك المصالح العليا للمملكة».
والمواقف العدائية، التي أملت هذا القرار، ترتبط بثلاث قضايا جوهرية وهي قضية وحدة المغرب الترابية، والتعامل الملتبس والمشبوه في قضايا محاربة الإرهاب، ثم الدور الإقليمي للبلاد..
ويعتبر القرار الحالي، خطوة في اتجاه التأزيم بعد شهرين من القرار السابق المتعلق بتعليق التعامل مع السفارة الألمانية.
ومن المفيد أن نعود إلى ما سبق تداوله في الفصل الأول من الأزمة المغربية الألمانية، ففي تلك اللحظة، كان الحديث عن الموقف من الصحراء، وإبعاد المغرب من إدواره الإقليمية كما في الملف الليبي، وموقف برلمان محلي صغير من القضية الوطنية بالاحتفال بجمهورية تندوف الوهمية.
الواضح أن الأمر يتعلق بمعطى ثالث مغاير يمس الموقف الألماني من الإرهابيين فوق ترابها، وتسليمهم معطيات ومعلومات تسلمتها من المخابرات المغربية!
ففي المرتبة الثانية من مرتكزات القرار، أورد البلاغ التعامل الملتبس مع مدان سابق «بارتكاب أعمال إرهابية، ولا سيما من خلال الكشف عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية».
وهو أمر لم يسبق، بالفعل، أن شكل موضوع تداول من طرف الإعلام أو المحللين، ولعله العنصر الأكثر جدة في السردية الديبلوماسية كلها اليوم بين الرباط وبرلين.
لم تكشف القنوات الرسمية عن المعني بالأمر..لكن الواضح أنه المدعو محمد حاجب..
هذا الشخص، ينشط بشكل كثيف ومثير للشبهة، وقد اختار ألمانيا بعد خروجه من السجن ، الإرهابي، يدعى محمد حاجب، ويقيم بألمانيا، نشر فيديوهات عديدة للتشكيك في دفاع المغرب عن أمنه وسلامته، وفي فيديو له عبر صفحته على فيسبوك، شكك في الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها المصالح المعنية، وقال «العائلات والجيران، كلهم مُجمعون عبر تصريحات للصحفيين، على أن المعتقلين هم ضحايا لا علاقة لهم – لا من قريب ولا من بعيد – بهذه الشبكات، لكن السلطة مستمرة في هذه المسرحية»، ويقول – كذلك – بأن رجال الأمن أطلقوا الرصاص في بيت أحد المعتقلين شهر شتنبر الماضي، رغم أنه كان نائماً لحظة اعتقاله، وذلك في محاولة لإقناع الشعب، رغم أنهم يعرفون أن الشعب لا تنطلي عليه هذه الحيل».
الإرهابي المعني ، قضى 7 سنوات بالسجون المغربية إثر اعتقاله سنة 2010 بعد عودته إلى المملكة قادما إليها من ألمانيا، أنشأ قناة فيديو تخصصت في استهداف المغرب وصورة رموزه ومؤسساته الأمنية وبالدعوات المتكررة للقيام بالتفجيرات الإرهابية.
ألمانيا تقدم له التغطية الشاملة ولا تقلق راحته المتطرفة في شيء، وقد تحدث عنه معتقلون سابقون وفندوا الكثير من ادعاداته وكشفوا عداءه وخلفياته، لكن ذلك لم يحرك ساكنا في بلاد الألمان….
لنا أن نغضب الخصوم الجزائريون أنفسهم لم يفعلوا ما فعلته ألمانيا وإعلامها في مهاجمة مؤسسات البلاد، وثوابتها الوطنية ومرتكزاتها المؤسساتية..
نتابع بغضب دائم ما تقوم به مؤسسات إعلامية فرنسية ضد بلادنا، لكن مع ما تفعله ألمانيا من تبييض لإرهابي لكي تحوله إلى معارض سياسي، يسب الكل ويدعو إلأى محاربة الكل، فهذا لم يخطر ببال أي من المغاربة..
في دولة مثل المغرب، يكون للانفصال والإرهاب علاقة وطيدة بقضية وجود الدولة نفسها، لا يمكن أن يغفل خطورة التعامل الألماني مع الهجوم على مكونات الأمة الأمنية.
والغريب أن ألمانيا التي تعرف كل شيء عن رديفها الأوروبي، فرنسا، لم تستحضر أن هذا الأسلوب الذي سبق أن جربته باريس لم يعط نتيجة، ولم يفض إلى أي حصيلة.
هي التي وقتها احتجت على فوز باريس بصفقات التيجيفي والترام، ولا تخفي حروبها بخصوص المناطق الشمسية في الملف الطاقي؟
ألمانيا؟
هاته التي تغزل مع فرنسا قدر أوروبا، لكنها تنكث عهودها معنا..
وتجعل رعلامها كله في خدمة هدف واحد: الهجوم على ثوابت بلاد بكاملها،حتى أن كل صغرية وكبيرة عن الأمن المغربي، وعن قضايانا المركزية التي يخدمها صارت مهمة الاعلام العمومي الالماني الحصرية!
فالواضح، أن هذا المنحى الألماني، يهدف إلى أبعد من تعامل معزول مع إرهابي، اختار الخروج العلني للإساءة إلى بلاده، فهذا سلوك يدرك بأن الأمن، هو في نقطة التقاطع بين محاربة الإرهاب، وتوطيد الوحدة الترابية وتأكيد الدور الإقليمي، بل أكبر من الدور الإقليمي..إلى دور دولي، من خلال التموقع في المنتدى الدولي لمحاربة الإرهاب وفي تأمين الدول الأوروبية نفسها، حيث أوروبا نفسها تستفيد من الدور الاستخباراتي المغربي..
وقد كان إمانويل فالس، الوزير الأول الفرنسي ووزير الدخلية السابق دقيقا ،خلال الأسبوع الذي ودعناه وهو يتحدث عن أنه من دون مع المغرب، لا يمكن للاوروبيين محاربة المخاطر الأمنية بشكل فعال»
ألمانيا التي سمحت لبوليسها واستخباراتها، عبر قانون صودق عليه في البرلمان بالتصنت علي مكالمات الجميع،بمن فيهم غير المشتبه بهم بالارهاب،هذه الـ«المانيا» تجعل من التخابر مع ارهابي وسيلة ضغط ديبلوماسية، وتهاجم أمن دولة ذات سيادة.
أهذه هي ألمانيا التي قال عنها المختار السوسي يرحمه لله: جوج ما معاهم لمزاح: الإيمان ولالمان!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 08/05/2021