«كِيف»، انتخابات وديبلوماسية: كيف تجاوز الحزب الذي يقود الحكومة ثلاثة حواجز بقفزة واحدة؟ 2/2
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
في النقطة الثالثة، تعلق الأمر بالوجود المؤسساتي للحزب المعني، بما هو وجود دستوري ضمن الكيان الحزبي المغربي.
وقد قيل الكثير عن الشكل الذي اتخذه رد الحزب عن مشروع قانون يحظى بالأغلبية الساحقة، مما لا ضرورة إلى إعادة الحديث فيه … وأول شيء هو أنه كشف أمرين اثنين في التقدير الآني:
القدرة على تجاوز كل الخلافات التي تكون قد ظهرت أو تخيلها الفرقاء السياسيون عند التعامل مع العلاقة مع إسرائيل و«الكيف»، وتجاوزها بضربة تعبوية واحدة جمعت الفريق كله، بالرغم من استقالة أحد أقطابه ورئيس المجلس الوطني بعد عيٍّ» في تدبير الآلة التنظيمية، على حد ما ورد في متن استقالته.
والعجز عن تدبير التوافق السياسي الممكن من زاوية مشاريع القوانين ذات الصلة بالانتخابات..
فالمنطقي هو أن يقود الحزب الذي يشكل عصب الأغلبية توافقها ويحصنها… إلخ، بتدبير التوافقات (انظر مقالة في الموضوع حول التوافق وميزان القوى).
غير أن الذي صار هو أنه وجد نفسه في معركة مؤسساتية، فيها حزب مقابل الطبقة السياسية برمتها، وهي سابقة في ما يبدو في الحقل السياسي المعارض، وهنا أول مظاهر السباق الانتخابي أو المذاق الأولي لما قد يحدث غدا، عند تشكيل الحكومة إذا قدر لها أن تشكل؟
وهنا يفرض سؤال منطق نفسه: هل سيكون هذا عرقلة في تدبير ما بعد الانتخابات وما تتطلبه من توافقات لتشكيل الحكومة؟
هل يستطيع تدبير تبعات هذا الموقع، إن وجد نفسه أمام الطبقة الحزبية برمتها، أم أن قوانين أخرى، يصعب تخمينها الآن، ستتدخل في بناء الأغلبية المقبلة؟
سؤال لا نغامر بجوابه وإلا قد نسقط في التدخل في الحلقة الشخصية الخاصة بالحزب..
لقد منحت الفرصة، مع ذلك، وسيلة ناجعة للحزب، الذي يقود الحكومة، في نهاية ولايتها، لكي يستجمع قواه في امتحان قلما ينجو منه كيان حزبي مغربي في الحقيقة، ويفرض سلوكه، مهما قيل عنه في انتهاك الحجر الصحي، على الجميع الذين ساروا معه في اختراق الحجر الصحي لضرورات رهان القوة والحسم بالتصويت…
كيف نقرأ هذا من زاوية التأثير على مجريات الفرز البرلماني؟
ليست الصحافة قارئة للطالع، الواضح أن الحزب يعتمد في المعركة على مناضليه ويجعل من وحدته الداخلية قدرا في مواجهة الانقسامية التي طبعت الحقل السياسي وتحدث عنها «جون واتربوري»…
إنها المرة الأولى التي يوجد فيها حزب يقود الحكومة، من داخل المؤسسات، وبكل موارده البشرية وجها لوجه مع الطبقة السياسية برمتها، وهو «براديغم» غير مسبوق، لا يمكن القفز عليه في قراءة المشهد برمته، ثم ما سيليه مستقبلا.. خاصة وأن التوافقات … فلسفة مغربية في تدبير التناقضات، بالأحرى الخلافات.
وقد يكون على الحقل السياسي المغربي، بناء على هذا المعطى وغيره ، أن يحسم قراره ويتفق على قواعد لعب نهائية تستقر بها الدينامية الديموقراطية، كما دعونا دوما..
أخيرا، لقد صارت الأحزاب في الهندسة الدستورية الجديدة جزءا من الدولة وكيانها وجهازها الدستوري، وبهذا يكون من الضروري قراءة حياتها من هذه الزاوية بدون إصدار أي حكم قيمة، وهي التي تعطي للدولة جزءا من طاقمها، بناء على الأفق الدستوري الجديد، والأحزاب التي تملك مواردها البشرية هي القادرة اليوم على خلق البدائل السياسية، فليس هناك سياسة ممكنة بدون أحزاب.ونقصد أنه في حالات كثيرة نعيش سياسة ونضالا سياسيا بدون متن حزبي يلتف حوله حملة المشروع…
ختاما نحن ننظر إلى موقع الحزب الذي يقود الحكومة، في تقاطع المؤسسات الدستورية حوله: المجال المحفوظ، المجال الحكومي والمجال التشريعي .. وهو أمر في تقدير هذا العبد الفقير إلى التوبة، له حظه من الجِدَّة في حياتنا.
ولا يبدو أنه يخاف من كونه خارج الطبقة السياسية المتوافقة، أو مصاب «بالاغورافوبيا» agoraphobie السياسية. .. ويمكن أن نقول ختاما ثانية:
أمامنا مشهد سياسي يفرض علينا استحضار «انطونيو غرامشي» في قراءته، وليس تحول بعض قراء الفناجين إلى خبراء لاستطلاع الرأي…، وتلك قصة أخرى سنعود إليها بما يقتضيه الأمر من شجاعة وحس وطني ضروريين!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/03/2021