لاهوتية الفايسبوك الجديدة .. عند السياسي!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
في صلب التحول، هناك سؤال الأمل البشري للفايسبوك:
هناك ملايين، 17 مليونا فيما أتذكر من المغاربة يزورون الفايسبوك،
إما يتأثرون به أو يؤثرون..
وفي خضم التفاعل، تجد فيه طقوسية لا تخفى عن العين:أحيانا تسير نحو صنع طقس إيجابي وأخرى سلبي ، إزاء التوجهات والقرارات ..
وفي صلب هذه الطقسنة، يجب الإقرار بأن الطبقة الوسطى تحتل صلب هذا النموذج، باعتبارها المستعمل الأكبر للتواصل الاجتماعي ونقل حالاته الذهنية..
والمقاطعة، يجب البحث عنها في المبنى كما في المعنى،
في الشكل كما في المضمون..
وإذا كان هذا الأخير، قد نال حظه من التفسيرات والتأويلات وأحيانا الانزلاقات، فإن الشكل ما زال يستعصي على المقاربة…
قلنا سابقا:
الشكل الجديد صار حزبا ، بحيث يتحلق حوله الآلاف
– الشكل الجديد صار حركية تفاعلية، في الزمن الحقيقي
– قلنا أيضا إن الفايسبوك أصبح عرضا سياسيا يتم من خلاله التفاعل، كما لم يحدث من قبل مع وسيلة من الوسائل، إن لم نقل إنه عوض المظاهرات والاحتجاجات في الشارع
– هذا الفايسبوك، اليوم يعفي النقاش السياسي من جزء من مخاوفه: الشارع يستدعي الرد الذي يثبت قوة الدولة الشرعية في الردع أو العنف، ويفتح المخاوف على ضفافها..
– لكنه في الوقت نفسه، أضاف مخاوف »به ميتافيزقية» إلى الفاعل السياسي، عندما يتحدث عنه كمجهول، أي كشكل من أشكال الاستشباح،التي تملك قردة خارقة تعجز معها أساليب التحليل العادية، فتفسح الطريق للتحليل الاستشبحي، والبحث عن «مؤامرة» ما، في العمل الفايسبوكي…
– الفايسبوك، في حاله الراهنة نوع من ترميم للثقة التي انعدمت في أشكال التعبير المعروفة، والتي اقترنت بسحنات، وبأسماء، وبتنظيمات لها ترتيب معين في ذهنية الناس. إنه شكل من أشكال تحيين الثقة في الروح أو الذهنية العامة، التي تعرب عن نفسها..
و تتأرجح سمعة الفايسبوك ، لدى الفاعل السياسي النظامي، بين الحجة والتشكيك، فهي تارة الحجة على أن تغييرات يجب أن تطال العمل التقليدي، إن لم يكن تغيير القيادات التقليدية حتى، وبين التشكيك في أن « جنا» رجميا يسكنه ويسيره حسب هواه..
وهي لاهوتية ، تتخذ أحيانا صيغا متضاربة:
المصدر المجهول الذي يقود البلاد والعباد إليه،
الصوت العميق، الذي يحيل على قوى غامضة تتربص بالبلاد الشر، إلى حين يتحول إلى مؤشر حقيقي على توجهات الرأي العام..
الاستمزاج، الذي لا تقبل به مراكز كثيرة في القرار الحكومي، هو الاستمزاج الذي يخترق الكل، …ويبني الثقة، لأنه يقدم في جانب كبير منه، حجة للغاضبين بأن يغضبوا ويمارسوا رد فعلهم أو فعلهم أو قراراتهم أو ما شاءوا ، بيقين أن ذلك متقاسم مع كثيرين…
صاحب القرار السياسي يستعمله، ويشك فيه
يزوره ويحذر منه
ينقله إلى الجماهير،
وفي نفس الوقت يشكك فيه..
يقبله ويبصق من بعد
يتعطر به، ثم يستنكر رائحته…
يعظ فيه، ثم
يعضه
يدخله ليقول كلامه
يخرج منه ليقول كلاما ضده..
لهذا يحتار من يرد شرنقة أو تنميط الفعل في الفايسبوك: لأن هناك 17 مليون سبب
وقصة
وحالة ذهنية
وحالة اجتماعية
وحالة وعي
وحالة تحليل..إنه موسيقى العصر، وهو في ذلك يخضع للتعريف، الذي وضعه الفيلسوف ايدموند هوسرل : كل نوتة لها صوتها
كل آلة لها صوتها
ولكل صوت جوهره الخاص
لكن لا نجد الجوهر العام للصوت إلا في العزف العام..هكذا هو الفايسبوك اليوم..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/05/2018