لا تشنقوا السفير بتدوينة السفيرة..َ!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ربما هي التغريدة، التي لم يكن شكيب بنموسى في حاجة اليها.
لا لأنها ترمي شكا أو ظلالا من الريبة على وطنية الرجل أو اخلاصه لبلاده،فذلك لا يتأتى بسهولة ، بل لأنها تنقل النقاش حول مجهود النموذج التنموي، وتمديد فترة تهييء التقرير النهائي لتقديمه الى عاهل البلاد،الى مستوى اخر، يبدأ بالغلط في من تجب مهاجمته، و لاينتهي ببارود فيه القليل من الحقيقي و الكثير من المفتعل في الدفاع التقريبي عن الشرف الوطني!
تغريدة او تدوينة سفيرة فرنسا في المغرب، هي من ذلك البعض من التدوينات التي تنصب مشنقة، وصاحبتها تغازلك..
بالاحرى اذا اقترفت جملا غير دقيقة في التعامل الديبلوماسي.
حتى عندما تكتب بلغة تفترض رقيها من رقي شعرائها وفلاسفتها وديبلوماسييها ورجال السياسة الكبار في تاريخها، فهي لا تنسجم مع الحد الادنى من اللغة الديبلوماسية …
وقد تكمن الخطورة في كونها لذيذة في أنامل صاحبتها
وفي ذائقة من يريد ان يصنع محرقة من لاشيء..
وبعد التغريدات يشبه كاتم الصوت
وأخرى كسيف العبد »مسرور» سياف هارون الرشيد
الذي كان يراه يتلمظ كلما رأى عدوا للسلطان في الأفق..
وبعضها يكون ديبلوماسيا لكنه لا يملك من ذلك شيئا يمكنه من أن يصير امتدادا للديبلوماسية باللغة،
وكذلك كانت تدوينة سفيرة فرنسا في بلادنا،
لكن هل يمكن ان تكون كافية لشنق شكيب بنموسى ، حتى وهي تحيل في مضمرها اللساني على نوع من السلوك غير الديبلوماسي، ؟
لنتأمل المشهد جيدا:
طلبت السفيرة الفرنسية في الرباط
من السفير المغربي في باريس ان يلتقيها،
وكانت المناسبة، تبعا لطلبها لعرض مقتضب لاشغال اللجنة التي يتولاها السيد السفير ،بقبعته رئيس لها..
بالترجمة الحرفيةpoint d etape؛
نقطة حصيلة
على اثر ذلك ،عممت السفيرة – الشحرور ، تغريدة تويترية، سرعان ما عمت شقشقتها الحديقة الوطنية الغناء..
وكان الشعور العام هو أنه لم يكن من حق العصفورة الغناء على سرير الناقمين على رئيسهاو الذي سبق ان تعامل معنا بغير قليل من «الخضورية» كما نقول، ،
لاسيما وهي تعرف عن طريق احد الادمغة المحترمة من بلادها »فيرديناند دوسوسير» ان المطبوخ والنيء /لخضر بلغتنا الدارجة، هو الذي يضع الفرق بين الطبيعة والثقافة، واذن الفرق بين الدول ..
وهي ، السيدة السفيرة كانت تغريدتها نيئة
فكانت اقرب الى الطبيعة المتعالية للديبلوماسية الفرنسية العتيقة، منها الى الثقافة الديبلوماسة المفترضة بين سيادتين.
وهنا كان يجب ان يقف المجهود الوطني في الهجوم على اللقاء مع سفيرة فرنسا..
لكن، سرعان ما ارتفعت التغاريد، بعضها صار نحيبا طويلا على الوطن الذي ضاع في حلق عصفورة
والاخر كان بمثابة اعلان حداد على المقاومة وجيش التحرير
الاكثر تاثيرا هو التغريد الذي اعتبر أن الوقت سانحا وصالحا ايضا لشنق شكيب بنموسي دفاعا عن الشرف الوطني، لأن الرجل قدم للسفيرة اشغال اللجنة …قبل من يهمه الأمر:
هنا نتوقف حقا:
الذي يهمه الامر بالدرجة الاولى، هو الذي مدد في عمل اللجنة لستة اشهر وعليه فهو سينتظر التقرير الكامل بعد نصف سنة..
ولن يكتفي طبعا بنقطة حصيلة، وسيحاسب بنموسي عن منجزه وقدرته على تجميع وتركيب وتمثين الجهد الوطني حول النموذج المنشود وليس عن تدوينة..
اذن لم يكن السفير يسابق اجال باخرى ديبلوماسية لكي يسبقه الى السفيرة..
ثانيا، لا يستطيع العبد الفقير لرحمة ربه ان يشكك في الالتزام الرسمي للرجل … والحال أن من بين المثالب التي سجلت على تعيينه هو أن الدولة لم تجد سوى وزير داخلية سابق متهم بالكثير من »الوطنية المخزنية« لرئاسة لجنة شاملة!
ثانيا، ربما يكون خطأه انه جالس السفيرة وحدها..
وهو في هذا كان عليه ان يستفتي الكثير من الرؤوس الدينية في البلاد في ما اذا كان شيطان الفرنكوفونية ثالثهما؟
لانهم، عندما يزورون السفارات الانجليزية والامريكية والفرنسية والدانماركية والماليزية، عادة ما يفعلون ذلك، ذكورا ومع الذكور، وحتى الطيبة الذكر السفيرة الامريكية مارغريت تيتويللر لم تكن تحصر زوارها في حضور السيدة نادية ياسين وحدها، الله »يجيبها لينا على خير« ..
اذن يمكن ان تتقدم بتقرير عن النظام وعن طبيعته وعن ازماته المفترضة وعن انتهاكه لحقوق »الجمهوريين الدينييين«، ولا تطالك المشنقة اذا كنت من المعارضين الكبار الاشاوس للدولة، وبدون الحاجة الى مشنقه، تكون ثوريا كبيرا في البلاد ..
ويمكن ان تقدم، في معرض حديث ينتظر نصف سنة ليكتمل، لكي تشنق ، فقط لانك لم تحدث السفيرة تيتويلر
، بل السفيرة تويتويلر !
لا اعرف مسوولا، عن اي برنامج، ومن البرنامج الاقتصادية والتنموية، في جهات المملكة او في وزاراتها، لا يقدم عرضا عن التصورات الكبرى والخطوط العريضة عنه، عندما تحين الفرص لشركاء ، لا سيما عندما يكون الشق الاساسي فيها اقتصادي اجتماعي.. وسياحي!!!
وفرنسا، من دول اوروبا، التي ستعيد نظرها في تصنيعها واعادته الي محيطها القريب عوض الصين.
وما زلنا نذكر المحاضرة التي ابهرتنا جميعا، هنا في بلادنا للسيد دانييل كوهين الذي نبه المغرب الى ضرورة تهيء نفسه للاستفادة من ابتعاد الاوروبين عن القارة الاسيوية والحرص على تقريب صناعاتهم من ترابهم ونحن في القارة والمتوسط من اقرب المقربين..او تدخلات طوماس بيكيتي الذي جاب مدنا كثيرة يدافع عن هذا التصور.، وهو آخر الماركسيين الملتزمين اليوم بالقوى العاملة وبالدول النامية..
كثيرون ممن انتقدوا الموقف، فعلوا ذلك بقلب سليم واعرف منهم الصحافيين و كتاب الرأي، الذين لايرقى شك الى فيض الحماس الوطني الصادق الذي عبروا عنه، لكن ليرحمنا اخرون نعرف انهم ينظرون الي مواقع النجومية وهم يخبطون صدورهم بفارغ الصبر على فارغ المقاعد أو بملأ النكاية لا غير!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/06/2020