لقاء المخابرات الجزائرية مع الموساد! اللقاء مع ماكرون وجنرال المخابرات المغربية وتهديد شيراك»أسلم تسلم وإلا السلاح بيننا (4)
عبد الحميد جماهري
من بين الأسماء، يذكر حميد صياد اسما آخر، ريشارد القائد في شرطة الحدود، فقد ابنته إبان عملية تفجير قطار النقل الجهوي في سان ميشيل بباريس في 1995. وقد اختار أن يعيش بعد تقاعده في المغرب.
وكان لهذا العميل الاستخباراتي تأثير على صياد، بحيث كانت معرفته دفعة في التزام أكثر من طرفه، كما كان، بشكل أو بآخر، السبب في لقاء حميد صياد مع ماكرون. في مناسبة عندما تم استدعاؤه من طرف الرئيس الفرنسي لحضور اليوم التكريمي لضحايا الإرهاب في 2024 في فندق “ليزانفاليد”، هناك رافق ريشارد هذا رفقة المحامي الوزير ديبو موريتي، الذي ذكره بالأيام الخوالي الجميلة.في هذا الحفل، يقول صياد،« اتجه الرئيس ماكرون نحوي، صافحني وتحدثنا بعض هنيهات. وفي هذا الإطار التكريمي عشت لحظات عاطفية قوية عندما رأيت ريشارد وهو يحمل صورة ابنته بيده والدموع تسيل من عينيه وماكرون يواسيه».
مع توالي الأيام تكونت لدى حميد صياد شبكة من المصادر والعلاقات والصداقات. وبمباركة من المحامي الفرانكو جزائري مراد أوصديق، وضع هاته الشبكة رهن الإشارة، لمن يهمه الأمر،« وفي هذا الصدد يقول«، تم تنظيم لقاءات تبين بأنها كانت ذات أولوية قصوى بل حيوية، مع الإدارة الأمريكية العليا والأمن المغربي وأطر نافذة في السفارة الإسرائيلية وشخصيات سامية في الجزائر التي اشتهرت بأنها بعيدة عن المنال في أوقات “اللخبطة” أو المصنفة من الأسرار العسكرية، كما هو حال الأمن العسكري أو المخابرات العسكرية»، وفي تلك الفترة التي كان فيها ينتظر قرار المحكمة بخصوص الاتهامات الموجهة إليه اشتغل بحماس لإيصال المعلومات للجزائريين والفرنسيين أو لعب دور الجسر بينهما، كما حدث في إحدى العمليات الخاصة بتتبع التفجيرات. فقد وصل إلى علم المخبر صاحب الكتاب، من طرف أحد العملاء المهمين في المخابرات الجزائرية النشيط في أوروبا، بأن عملية تفجير تستهدف مقر شركة الطيران الجزائرية في باريس قرب الأوبرا، ستقع في باريس، وأن الكوماندو الإرهابي سيأتي من ألمانيا وسيستعمل بنادق الكلاشينكوف في إطلاق النار. على كل من يتواجد في الشركة. أخبر صياد الأمن الفرنسي وطلب منهم، على حد قوله، «تأمين الخطوط الجزائرية»، وبعد ذلك أصبح هذا المقر عبارة عن ملجأ محاصر بالأمنيين وتم اعتقال المنظمين بعد أيام عديدة من التتبع.
بعد شهور من هذا الحادث، في سنة 1993 بالضبط ، وصل إلى علمه، والجزائر تعيش حربا بلا هوادة بين العسكر والمتطرفين الإسلاميين، بأن عملية تفجير تستهدف السفارة الجزائرية فوق التراب الفرنسي بشارع “لشبونة” في باريس. وقال لمراسل أو المخبر الفرنسي « “في صفوفكم جاسوس» يساعد المتطرفين وبأن السفارة قد يتم تفجيرها”، وبعد عملية استنفار كبيرة تم الكشف عن المتفجرات والأسلحة في المخبأ الأرضي للممثلية الديبلوماسية الجزائرية!
وقد توصل حميد صياد بالأخبار عن طريق المخابرات الفرنسية ونقلها إلى المخابرات الجزائرية..
ومن الخطط القوية التي نبأ بها من يعنيهم الأمر عملية تهريب الأسلحة إلى فرنسا، على متن باخرة تحمل اسم “«تيبازا”» من طرف عاملين في السفينة من أفراد الجماعة الإسلامية المسلحة «(الجيا»)، الذين سبق لهم أن هددوا الرئيس الفرنسي جاك شيراك بالإسلام أو الهجوم، وأرسلوا له رسالة” أسلم تسلم وإلا السلاح بيننا “. وتوالت المهام غير الرسمية للمخبر، الذي كان ينقل أخبارها إلى هذا الطرف أو ذاك، ومن أهمها ما كان سيحصل في مطار رواسي شارل ديغول بباريس عندما تسللت خلية من الجماعة الإسلامية (الجيا) إلى صفوف العاملين فيه وخططت لتفجيرات تهم الطائرات والمطار، وبفضل علاقاته واتصالاته حصل على المعلومة التي أطلع عليها المخابرات الفرنسية. كما حدث من بعد ذلك في التخطيط لعملية استهدفت وزيرين جزائريين في فندق “بولمان مانبارناس” إضافة إلى لائحة سوداء من الصحافيين الفرنسيين .. هذه العمليات كلها سمحت له بالحصول على «رتبة المخبر الموثوق»، أو العميل الموثوق كما يسمى في القاموس الاستخباراتي..
في فصل من الفصول الأخيرة عنوانه« “الجزائر يجب ألا تترنح وتسقط”، يتحدث حميد صياد، عن علاقته … بالمغرب! الذي بدأت عدوى الإرهاب تهدده بسبب قربه مع الجزائر وفرنسا.. وتعود بداية هاته العلاقة عندما وصلت إلى عمله معلومة عن عملية لمهربين للسلاح مغاربة كانوا على وشك بيع أسلحة إلى المتطرفين الجزائريين، وهو ما كان أحد يتصوره من قبل. وأطلعته موارده بأن الجماعة الإسلامية المسلحة تخطط للهجوم على المغرب وارتكاب تفجيرات فيه، وأطلع الجزائريين على ذلك، وبناء عليه طلبوا منه الاتصال بالمخابرات المغربية . غير أنه لم يكن على علاقة مع أي كان … ولكن أحد معارفه الفرنسيين كان على صلة ببعض عناصر المخابرات المغربية. فأعطاه اسم مسؤول مغربي .. وكان جنرالا! تقرر أن يتصل به الجنرال ويضرب له موعدا في مونبارناس. وهو ما تم، وحصل الجنرال على المعلومات التي كانت بحوزته حول الأسماء المتورطة، عن مهربي السلاح وعن الخلايا النائمة في المغرب. بعد أن قام ببحثه وتحرياته تأكد من ذلك واستقل طائرة للقاء بالعميل صياد الموثوق. وخاطبه الجنرال بالقول ” لقد كانت معلوماتك ذات قيمة ثمينة بالنسبة للمغرب”، وبدون تكلف أضاف بأنه يرجو مواصلة التعاون مع الأجهزة، مع وعده بتمكينه من «ضيعة ـ فيرما-» في البلاد. أجابه صياد«”سنواصل العمل لكن بالمجان لأن الوضع صعب ونحن سنواجه الإرهاب “.
وهكذا أصبحت له علاقات مع المغرب في ظروف لم يتوقعها، وهو ما قاده إلى اللقاء بشخصية فريدة، الكاتب والمعارض الشرس للحسن الثاني رحمه الله، وقتها، مومن الديوري، الذي ظل في المنفى إلى حدود 2006 حيث التحق بالمغرب في عهد محمد السادس. وهو كان قاب قوسين أو أدنى من أن يتم ترحيله في عهد ميتران، بطلب من الحسن الثاني لولا دفاع المحامي أوصديق. ويعتبر حميد صياد بأن المغربي كانت له علاقات خاصة للغاية مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الذي استقبله في البيت الأبيض بالرغم من موقف الحسن الثاني.
وهاته العلاقة كانت سببا في أنه دافع عن الحكومة الجزائرية أمام الإدارة الأمريكية وصلت حد تزكيته وتأمين موقف مناسب في عز العزلة الدولية للنظام الجزائري..
بعد ذلك ينتقل العميل الموثوق إلى حكاية اتصاله مع الإسرائيليين والأمريكيين في هاته الفترة من حياته .. وكانت البداية من الندوة الصحافية التي نظمها محاميه في سياق محاكمته على محاولة شراء مطعم “الفوتيكس”.
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 17/01/2025