لماذا يجب أن نتابع التصويت في أمريكا؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

انتخابات الولايات المتحدة، لاتهم أمريكا وحدها. والعالم كله يشارك فيها، وفي إعطائها المعنى الذي يراه من وراء نتيجتها المحتملة..
وليس سرا أن ما يجري في أمريكا، القارة والسياسة يحظى بمتابعة عميقة من طرف العالم، ولا سيما ضفته الغربية..
وبقية القارات تعرف أن نتيجة الانتخابات، سيكون لها تأثير مباشرعلى حياتها اليومية، وعلى تصورها للديمقراطية.. وعلى سلامة الاقتصاد العالمي وعلى الاتفاقيات الدولية كلها..
في المشهد العام، يتابع ملايير الناس العاديين دونالد ترامب وهو يتدبدب في القناع الواقي، صحف كثيرة كتبت عن الفيروس وترامب، من البداية، لكنها عادت مجددا مع الحملة الانتخابية، لتقدم للمواطنين البسطاء تحليلها السيميائي لترامب بكمامة وترامب بلا كمامة..
العالم يتابع تغريداته، كما يتابع طبيب الرسم البياني قلب مريضه،وترامب مريض بفيروس سخر منه.. هو الذي سخر من قناع غريمه جو بايدن..
هو الذي كان يزدري الذين يخافون من الفيروس وقدرته على الفتك بالناس..
هو الذي تساقط أمام عينيه 200 ألف أمريكي، وهو الذي ظل يسخر في نرجسية لا تضاهى..
الأنصار، لا يتساءلون. يعتبرون أن ترامب مريض، فلا الديمقراطيون ولا وسائل الإعلام ستواجهه أو تهاجمه،لأنه لا تطلق النار على سيارة الإسعاف.. والمتتبعون يتساءلون: هل يستطيع إذن أن ينهي الماراطون الانتخابي وهو على مرمى شهر من الاقتراع،
وتراه إذا فاز، سيكون قادرا على أن يستمر على رأس أول قوة عسكرية واقتصادية في العالم..
طبعا نسخ كثيرة من الرئيس الأمريكي، الذي شكك في المرض، تشكك في مرضه، انقلب الشك على المتشكك، وربط كثيرون بين استراتيجيته الانتخابية وبين إعلان المرض..
هو جزء من ترنح الديمقراطية الليبرالية.. التي سمحت «لطهرانية بلا الهش** كما قيل أن تنتج رئيسا نرجسيا وشعبويا وبلا انتماء للمجموعة البشرية..
فهو سيكون، في ظن الأمريكيين المسكونين بنظريات المؤامرات والكائنات الفضائية، والرهاب الصيني، البطل القومي الذي هزم الفيروس القاتل.. وبالتالي كما يحدث في فيلمي «عيد الاستقلال»، ستهزم أمريكا أعداءها الفضائيين أو الفيروسيين..
في انتظار النتيجة، يبدو أن العرب دخلوا إلى منطقه بدون كثير عناء..
ولا حياء..
ومن المحقق أن نتيجة الانتخابات إذا فاز فيها، ستكون أكثر خرابا مما سبق، ولن يفتح أبوابا مفتوحة!
سيواصل اقتناء الرؤوس الحاكمة
وسيواصل توزيع الخرائط كما يشاء،
وسيواصل الحروب التي بدأها آخرون قبله، لكنه يخوضها بأموال عربية مجموعة، ومخزنة، كانت في انتظاره..
ستسقط قلاع أخرى قبل نهاية دوره الثاني، وتليه قلاع من ورق مقوى، ومن حرير الكراسي..
والمغاربة أيضا، معنيون بجنون رئيس أكبر دولة، وعليهم أن يمروا بين قطرات المطر، ما دام في البيت الأبيض.. وهو لا يتورع في مقايضات السياسة، ولا يتورع في اختراق المحظور من ثوابت التعامل الدولي..
والديمقراطية، لا تصبح نظاما معه، بل مخاطرة! ولا تكون أبدا معطى نهائيا، ولا تأمين لها في الحياة العامة للشعوب.
منذ أن أدخل ترامب مفهوم الحرب الأهلية الباردة إلى السياسة، صار كل من يعاكسه جزءا من مؤامرة يجب اجتثاثها ولو بكسر العظام..
ونحن معنيون أيضا، لأن لنا أرضا مازلنا نحضنها بالأشواك والأشواق، وهو قد أعطى نموذجا في الابتزاز، كلما تسنح الفرصة لذلك..
بالنسبة للديمقراطيين في العالم، ونحن نسعى لأن نكون معهم، هناك فساد في الديمقراطية الأمريكية، لا يشبه الفساد عندنا طبعا..إنها فاسدة، لأنها صارت فارغة، وبدون سلطات مضادة لسلطات ترامب، «هذا هو اللي كايتسمى بلوكاج ديال بالصح»، أي انغلاق مؤسساتي، لأن السلطات الغامرة التي يمارسها الرئيس الجمهوري، لا تقف في وجهها أي قوة مضادة…!
سنظل نتابع هذه الانتخابات، لأننا سنصوت ولا شك فيها ضد ترامب وبدون أن نكون مع جو بايدن، وكما كتب جاك جوليار في الفيغارو: ليس هناك مرشح يملك حظوظا أكبر من الآخر، ولكنْ هناك ضحيتان لترامب: أمريكا والديمقراطية….

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 09/10/2020