لن أتنازل عن حقي في وكالة تقنين استعمال الكيف!

عبد الحميد جماهري

أشعر بحسرة ومذاق مر، وبنوع من التيه في الروح.. موجة خصاص تشبه الغيبوبة.. أَنْ تبدأَ وكالة رسمية لتقنين الـ«كيف» عملها ولست فيها.
وبصراحة ، ودون تواضع مزيف، لم أشعر أنني أصلح لوكالة رسمية ذات وجود قانوني مثل ما أنا صالح لوكالة الـ «كيف»؛ وبصراحة لا تقل عن الأولى، لم أشعر بالظلم والإقصاء مثل ما حدث لي مع عدم إدراج اسمي في وكالة تقنين الكيف… وقد أصبحت رسمية.
ولي في ذلك أسباب كثيرة أفصح عن بعضها لأسباب مهنية، وأخرى تواصلية، وثالثة مجتمعية.
أولا، أزرع مثل ما آخرون يزرعون الكيف
أزرع التيه والفوضى في الروح
أحب أن يتم ذلك في إطار مقنن.
وهذه وكالة نقل خروجها إلى الوجود نبتةَ الـ»كيف» من دار الشيطان إلى دار القانون….في ظرف سنة!
النتيجة سقوط الكثير من الطابوهات في المغرب، وسقوط الكثير من الأوهام، والكثير من الملفات والكثير من الأسئلة…
وثانيا، قد صارت النبتة التي طالما حامت حولها الخيالات، نبتةً طبية وجمالية و….مُدرَّة للربح.. وااآآآآه..! أي وكالة يمكنها أن تضمن هذا الانسجام الثلاثي النادر بين الجمال والصحة، والمدخول الاقتصادي.. وعليه أي حظ أكبر من أن تكون في تشكيلة هذه الوكالة التي تسهر على ثلاثية تجعل المغاربة ومعهم بعض العالمين أجمل.. وأصح.. وأغنى؟ مغاربة يعيشون في أجواء ثلاثيةٍ فريدة ما سبقنا إليها أحد من الفلاسفة: لا شوبنهاور، ولا نيتشه، ولا أفلاطون، ولا سبونفيل، ولا سقراط.. ولا دولوز!
وأصدقكم القول: منذ تغيرت أولويات البشرية في كوفيد19، استشعرت الحاجة إلى تغيير في القيم عند البشرية. وهكذا صار من البساطة أن يضحي البشر كلهم بالحرية، وبالسعادة حتى.. مقابل الصحة ! كل البشرية اللهم إلا بعض الأقليات التي ظلت تحلم بما قبل كوفيد ..ترى أن الصحة هي المعيار الوحيد للوجود. وصار الكيف أولوية في تقدير الوجود عندي.
لقد أثبتت النبتة قدرتها على أن تكون الأكثر ضمانا للصحة وتطوير الأدوية، والرفع من منسوب العافية. مع إضافة لا تحصل عليها مع أي دواء آخر: القدرة على الحصول على… الحرية في السفر حيث يكون ممنوعا انتهاك قرارات الحظر العملي، وضمان الجمال حيث تكون البشرية قد تخلت عن قوانينه!
سنة واحدة فقط أثبت فيها الكيف أنه أكثر نجاعة من الفلسفة وأثبت «الكفايفيون» أنهم أقوى من الفلاسفة مجتمعين… تفهمون الآن أن هناك أسبابا معرفية وثقافية أيضا وراء شعوري بالحرمان وأنا أرى الوكالة تبدأ ملحمتها بدون أن أكون حاضرا! سأكون سعيدا لو أنني دعيت للإسهام ببعض الأفكار، والتي قد يكون «الكيف» نفسه وراءها…
وأعيد السؤال بكل تواضعي النباتي المعروف: كيف أُحرم من المساهمة في منح المزارعين الرخص التي تجعلنا أهم بلد منتج شرعيا للـ»عيسي» في العالم؟ (والعيسي أيها السادة هو الكيف في دارجة جزء من مغربنا الحبيب). كيف لي أن أزيف رغبتي في انتهاز ميلاد الوكالة لأطالب بحقي في أن أكون واحدا من عقولها الراقية في تحويل النبتة إلى صناعة.. وأحرم نفسي من مشاهد الأخوة والتعاون بين المزارعين البسطاء ورجال السلطة والدرك وهم يتعانقون على حافة حقول الزراعة الجبلية؟! كيف تريدون ألا أعبر عن رغبتي في المجهود الوطني، ونحن نستطيع تحويل «التبويقة»، إلى صناعة وطنية بعد أن كانت رياضة وطنية لم نستفد منها كثيرا؟
أريد بالفعل أن أكون في هذه الوكالة، ولا أخفيكم أن وراء ذلك أيضا أسبابا تتعلق بالعواطف الجيو-استراتيجية… فهذه الوكالة ما أن رأت النور حتى اجتمعت الخلايا الساهرة في جيش الجوار البري والجوي والبحري، وقررت أن تحارب عملها، لأنها في تقدير التكتيكيين في قصر «المرادية» ستجعل الاتحاد الأوروبي مدينا لنا بـ 60 ٪ من استهلاكه الطبي والصناعي والجمالي.. والزطلي!
هذا لوحده سبب مقنع لكي أطمع في أن أكون شاهدا على ذلك، وشاهدا على «جنون الكيف» الذي أصاب السادة في قصر المرادية… سأكون سعيدا وهم «يتسطون» تسطية وأنا أقرأ، أمام التلفزيون والبرلمان والمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للضرائب والجمارك وأمام القنوات الأجنبية …الأرقام الرسمية سنويا، من أرباح أوروبية تصل إلى 630 مليار سنتيم سنويا!
اااه سنويا ملايير بسبب النبات والدخان والكوسميتيك..
اعترفوا لي بجدوى هذا الضعف في أن أعرض نفسي لعضوية الوكالة.. ولنعترف بأنه لم يسبق لأي نبتة مغربية أن حققت لنا صناعة الجمال والعافية والربح مثل ما تفعل نبتة الكيف ومن ورائها وكالة تقنين استعماله.
هذا «كيف..» بعقلو، مقنن.. ومعقلن. وماذا لو تُرك «الكيف» لجنونه؟ ماذا لو تركوه يسرح كما الخيالات التي يوقظها في منتصف الليل في عز الظهيرة واليقظة؟
لقد ربطت الوكالة السابق باللاحق، فالجدات لم يكن يعرفن الـ «كانابيدول» ولم يطلعن على سحر زيت الكانابيدول «سي بي دي» (CBD) الشهير.. ومع ذلك جعلنا من النبتة منتجا للتجميل، من الأمصال إلى الكريمات والصابون مرورا بالشامبوان… وهو ما تقوم به الحضارة بعد أن قامت الوكالة بمصالحة ال«كيف» مع القانون! كانت الجدات يضعن الحبوب «المكيفة» لشعروهن ويتجملن بها، فيسرح الشعر الغجري المجنون في أطراف الكون والجبل المائل نحوه بلا حدود…
وفاء لذكرى صديقي بوكابوس رجاء، وأصدقاء طفولتي ومراهقتي وشبابي، وعلى رأسهم بوكابوس، ضموني إليكم في الوكالة! وسأروي لكم قصصهم الطرية مع الكيف ورحلاتنا الطويلة بحثا عن «الجوهر»، وعن عشبته في جبال علوانة والبرانصة العظام النائية وليالي رمضان ومستملحات يوسف مايير الطازجة: ليست هناك نبتة في المغرب امتلكت نصف ذاكرة الشعب المغربي مثل ما هو الكيف… لا الخزامى لا الأركان ولا الشيح ولا الزيتون نفسه .. كل النباتات والأشجار يعلقن بالذاكرة إلا الكيف يسكنها ويقننها كحقل في ملكيته!…كما يسكن شعر الجدات وأنفاس الحدادين وباعة الخضر وأصحاب الأفران و«الفقرا» المتجولين..
لهذا تفهمون شعوري بالضيم.. والحكرة. ولهذا أقترح أنها الوكالة الوحيدة التي يجب أن تضم عضويتها كل المغاربة بالتناوب.. وبالتوافق .. وبالشعور الطوعي لخدمة البلاد، واستخلاص حقوقنا من أوروبا التي طالما أخذت بدون رادع…، وفي إغاضة الجنرالات الذين يحاربوننا مع كل «سقطة شقف» في الكون..
رجاء فكروا في هذا العرض.. أنقذوني من الشعور الأليم بالظلم.. أسعفوني بأول منتوج للوكالة للشعور بالعدل والسعادة! لا تعولوا على النسيان ، وعلى مر الزمان.. لا.. لا، لن أتنازل عن حقي في وكالة تقنين استعمال الكيف!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 07/06/2022