لن أشعر بالعار من مغربيتي… بالرغم من كل الوحوش!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

أنا غاضب، مثل قلب أم اختطفوا كَبِدها
قرف، يائس ربما، حزين للغاية،
متألم،مثل الحلاج بين كماشتين من حديد
مثل نبي فوق المحرقة..
مصدوم، مثل قارب ارتطمت عظامه بصخور ليلة عاصفة مطرية،
لكني لا أشعر بالخجل من بلادي..
ولا أشعر بالعار أبدا: هي جروح تقيحت، وتورمت، ونتنت في جسدي،
لكنها لن تثنيني عن بلادي،
لهذا لا يجب أن تَشْعُروا بالعار، وأنتم تَتألَّمون مثل العائلات في بلاد الثلج النقي
وتذبحون دمكم مثل أبناء الدانمارك والنرويج
لن يكون لنا وقت للعار من هذه البشاعة: لأننا نرفضها ونلفظها
ولنا مشاعر كثيرة إنسانية، نحصن بها إنسانيتنا واعتزازنا ببلادنا..
ونحصن بها فرادتنا وبشريتنا الضاربة في الأعماق..
أحِسُّ
مثلكم بِحِدَّة السكين على عنقي
وأتحسس رقبتي مثلكم
تماما، مثل الضحايا
سنحتفظ على جلودنا
وفي لحمنا بآثار الخنجر الذي شق وريد السائحتين
ونحمل الصرخة والصدى،
وفي كل آية
وفي كل أغنية
وفي كل نواح، سنحمل تلك الصرخة لكننا لن نشعر بالعار.
الذي يجب أن يشعر بالعار هو الذي لم يتوان عن احتكار لله
وعن الدين..
فهذا دين لا إله فيه..
لأن لله سبحانه لا يقبل ، منذ قابيل وهابيل القربان البشري..
الذي يجب أن يخجل، هو الذي اعتبر
بأن البلاد يحكمها الجزء السفلي من الجسد، ولم يجد فارقا بين لله وبين الليبدو..
لست خجولا ولا أشعر بالعار..
وهذه الجريمة، لن تكون سوى امتحان آخر، لإنسانيتنا: لهذا لن نهلل لعقوبة الإعدام:
أولا لأن الضحيتين وبلاديهما آمنا منذ زمان بألا إعدام يفتح الباب للبشرية كي تمر
وثانيا لأن الضحيتين، شهيدتيْ الجبل، توفيتا وهما تؤمنان بأن عقوبة الإعدام ليست مقبولة..لهذا لن أشعر بالعار
ولن أشعر بأي تقارب معهما، ولو في عقابهما
لن أعدم من أعدمهما
هكذا أرى، سنخضع دوما لامتحان في اعتزازنا وسنظل نعتز
وسنخضع دوما لامتحان في إيماننا بالبشرية، ولو كان في بطنها الكثير من الوحوش
والكثير من الخيانات للإله والنبي والشهداء والأئمة الأفاضل،
الذين علمونا أن ننظف دوما حضارتنا من شياطينها..
لن أشعر بالخجل بأنني آمنت بمغرب
ينبت فيه القتلة
والجلادون
والسفاحون الجدد
والنيو، زبَانِية…
ومع ذلك سينتصر
وسيستمر
وسيدوم فوق أي افتتان بالكارثة..
تعرفون مثلي أن السكاكين تجول البلاد
والأفكار التي تسكن رؤوسهم تجول في البلاد
وتعرفون أن شيئا من التدعشش غير قليل موجود ،أحيانا في صفوف الجامعات
وفي المساجد
وفي الخطب،
وأن مسارنا طويل للغاية، وأن القتل خطة دائمة منذ عصور الانحطاط
وأننا في أحيان كثيرة نشعر بأننا نعيش بالقرب من مقبرة
وأننا قريبون من القيامة، أكثر من غيرنا من شعوب لله..
لكن ذلك لن يدفعنا إلى أن نغير حزننا بشعور بالذنب من وحوشنا
وأكثر من دعاة الرقية الفاشستية…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/12/2018