لو كنت يابانيا يحاور العرب..!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لن يهمني، هنا من الحوار العربي – الياباني، ما قد يتفرع عنه من قواميس في التداول الدولي، ولا النوايا المعبر عنها والذاهبة نحو مأسسة التشاور الثنائي، الذي انطلق رسميا منذ مذكرة 2013 بين الطرفين. ولعله سيكون من المفيد ربما للشعبين العربي (تجاوزا) والياباني أن تصل الدينامية المشتركة إلى خلق تكتل قوي مؤثر في العلاقات الدولية.
كل هذا وغيره من المفاهيم المؤطرة، التي جاء بها أبناء الشوغون وحفدة الساموراي، من «امبراطورية العلامات» بلغة رولان بارت، مهم ومهم للغاية !
التشاور والحوار السياسي وإفراز قطب عربي على قاعدة الواقعية والمصالح المشتركة، وتطوير التبادل العلمي والتجاري والجيوستراتيجي ، يستوجب منا مع ذلك النظر مطولا في قناعات العرب بمثل هذا الفعل، والتفاوت في الالتزام بأخلاقياته ومقوماته.
كفاني لفا ودورانا وعمومية: كيف يمكن لليابان أن تثق في عواصم عربية، سارعت إلى تقويض التعاون العربي – الإفريقي من خلال خلق بؤر التوتر بينها وبين القارة وفي قلبها المغرب، في الوقت نفسه هي ذاتها التي يقف وزراؤها وممثلوها يصفقون لرئيس الديبلوماسية المغربية رئيس الدورة 160 لمجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء، باعتباره الناطق المشرف الرسمي على هذا الحوار الياباني العربي في اللحظة الحالية؟
كيف يمكن لقطب بوزن ورزانة اليابان ألا يندهش من سلوك الجزائر وسلوك تونس، اللتين عملتا على تلغيم لقاء «التيكاد» في تونس عبر دعوة زعيم الانفصال وإفشال اللقاء الذي عولت عليه إفريقيا كثيرا؟
سأكون ولا شك موزعا، كما هو حال الفيلسوف الياباني أيضا «نيشيدا كيتارو»، بين «الفهم المنطقي» و«الفهم الرياضي»، ومقابلها هنا الفهم العربي لدولة الجزائر وتونس والفهم الإفريقي لنفس الدولتين!!!
سنكون أمام حالة تناقض حية، تعاش بكامل الأريحية، ويردد أصحابهما نفس الشعارات» العالمة» حول التعاون ودور العرب في صناعة العالم الحديث، والقدرات العربية المشتركة في تجسير العلاقة بين شرق الشرق وغربه!
أي ياباني يمتحن قدرته على الفهم على ضوء المفاهيم التأسيسية التي ذكر بها وزير الخارجية الياباني هاياشي يوشيماسا من أجل تعميق العلاقات مع الدول العربية.
ـ أولها «التعاون من أجل الازدهار»
ـ ثانيها إحلال السلام»
وثالثها ـ إقامة وتعزيز نظام دولي حر ومفتوح مبني على سيادة القانون»
وسيتابع ولا شك تناقضات العرب، وفي قلبها الدولتان اللتان نسفتا كل مقومات التعاون من أجل الازدهار في جوارها المباشر، وإحلال السلام بالرفع من التسلح وقتل الأبرياء في عرض البحار، وتعزيز انفتاح النظام الدولي بتقديم الولاء والطاعة لموسكو تارة، ولبكين تارات أخرى!!!!!.
أمام العرب أن يكونوا تجمعا منطقيا يحتكم الى العقل، قبل أن يتقدموا نحو العالم، بلا واقعية ولا منطق التجمع الدولي، ولعلهم سيستفيدون كثيرا لو خرجوا من تناقضاتهم الى إعادة الاعتبار للنظام العربي الرسمي، لا من باب قوة الدول بل من قوة البلدان وعقلانيتها، عليهم أن يتحلوا بمنطق الدولة المنسجمة مع نفسها قبل أن يسعوا الى منطق التكتل الذي يجمع بين تناقضاتهم!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 08/09/2023