ليلى الوزيرة… والذئب السوفسطائي !

عبد الحميد جماهري
أجمل الوزيرات، هي التي تنصت إليها طيلة ساعة مترامية الأطراف، وتخرج بتنبيه صريح، بالبنط العريض، يحذرك من التفكير السفسطائي» ديال الفلسفة والفكر الإسلامي« !
لقد رسمت السيدة الوزيرة ليلى بنعلي، في اللقاء الإعلامي المتميز بدون لغة خشب، لنفسها، أوتوبورتريه طاعن في المديح الذاتي، قلبه النابض ولا شك تشديدها بأنها سيدة تنتمي إلى العقلانية الرياضية، التي تحسم الأمور بقواعد الجبر والضرب والقسمة وتفكر منطقيا وتجر ديكارت من »شعكوكته« الفرانكوفونية إلى المغرب ليتعلم كيف يحل مشاكله في الطاقة…
ظهرت لنا ليلى وحيدة أمام … الذئب السوفسطائى !
وحيدة في مقاومته ومجابهته..إلخ !
نفهم أن الذي اختارها وزيرة كان قد أقنعه السيفي التحصيلي، ومثلنا رأى فيه سيرة وزيرة راكمت تجربة كبيرة في تدبير المقاولات الخليجية وسياساتها، وفي التعلم الأكاديمي الفرنسي والأنكلوفوني، ولها خبرة لا تضاهى في علم المحروقات وخوصصتها وتدبير الانتقالات المحروقاتية في دول الحج والنفط…
وليس بوسع المتابع إلا أن يفتخر بها،( بصدق وبلا طنز عكري أو رمادي)، ويضمها بلا تردد إلى الفريق النسوي الذي يرفع رؤوسنا عاليا.
ويمكن للمتابع أن يتغاضى عن تلك القصة الملغزة والساحرة لعلاقتها بلاسامير، فهي كانت بريئة وشبه طفولية وهي تعلن بطيبوبة عالية بأنها تعرف قضية سامير من الضفة الأخرى، أي من الضفة التي وجد فيها المستثمر، ومن سوء حظنا أنها لم تشف غليلنا لنعرف بالضبط مدى مساهمتها في إنجاح الصفقة التي عرضت وقتها، وما هي النصائح المعملية الفذة التي تقدمت بها للمستثمر وما استثمر فيه.
لماذا فشل الاستثمار ولماذا لم تكن واضحة منذ البداية إلا بعد أن وجدت نفسها في قلب «العار الديكارتي» الرهيب .. أي التناقض.
وسجل عليها الموقف ونقيضه: الديب» لاساميري« حلال، الذيب «لاساميري» حرام!
ولم تقل ما يقوله الفقهاء صراحة: نتركه أفضل من النقاش حوله.
قالت وسجل الناس ما قالت: سامير ليست هي الحل..
قالت وسجل الناس ما قالت: أنا لم أقل أبدا إن سامير ليست هي الحل…
ثم قالت وتابعنا وسجلنا مع الناس أن : سامير موضوع أربعة سيناريوهات…
وهي لا تنام ولا يغمض لها جفن إذا هي لم تضع أربعة سيناريوهات في كوب ماء وتشربها قبل الذهاب إلى السرير…
بقينا على جوعنا، كما يقول مواطنو ديكارت، وصعُب علينا من بعد وضع أي »سيناريو« مقنع حول تضارب آرائها في قضية لا سامير عندما عُرضت على القرار السياسي أمامها !
ولكن أجمل الوزيرات هي التي تعترف بأنها« ما عندهاش مع السوفسطائية ديال الفكر الإسلامي ولا الفلسفة»…
رحمك الله يا محمد عابد الجابري…
رحمك الله يا محمد السطاتي…بكل قوتكما الفكرية كنتما تعلماننا السوفسطائية: الله يسمح ليك يا صاحب العقل العربي…
أجمل الوزيرات قالت في وجه المغاربة: ما عطانيش الله مع العربية !
وكان على الجابري وهو يضع (بروغرام) الفكر الإسلامي والفلسفة أن يكتب عن العقل …(اللي ما عندوش مع العربية)…
والوزيرة تقول وقالت بأنها كانت تحصل على نقطة 16 في الامتحان الخاص بالفلسفة والفكر الإسلامي، وما فيه من تهم السوفسطائية…
أحدنا، هي أو أنا، في غير محله من الفهم:
إما أنه لا علاقة لك مع السوفسطائية حيال الفكر الإسلامي والفلسفة، وبالتالي كان المفروض أنك ستحصلين على نقطة موجبة للسقوط، أو تكشف بأنك على غير دراية بها !
وإما أنك تجيدينها فعلا وبالتالي حصلت على نقطة تفوق ما يحصل عليه السوفسطائيون المجتهدون !
وماذا لو نعرف السوفسطائية يا سيدتي ليلى؟
« السوفسطائية» في اليونانية «صوفوس» أو «صوفيا» (بمعنى «الحكيم» أو «الحكمة»)، وتشير إلى أي خبرة في مجال معين من المعرفة أو الحرف«…
والسوفسطائيون هم أصحاب الشعار الشهير في قضية الإدراك والمعرفة (لا توجد حقيقة مطلقة، أو هناك وجهتي نظر يمكن أن تكون مقبولة في نفس الوقت وقد تكون هناك أربع وجهات نظر Aو Bو Cو D ).
وأجمل الوزيرات، هي التي تستمع إليها طوال ستين دقيقة مشرعة على مصراعيها، ولا تمل من السيناريوهات.. ومن الحديث الشجاع، يجب القول عن وجود قطار زاغ عن السكة، وعن مشاريع فشلت وأخرى تعثرت وثالثة انحرفت ورابعة ضاعت، وعن سواق القطارات الذين خرجوا به، وليس أمامها سوى أن تعيده إلى السير والجولان .. بدون استعمال نفس السكة ولا نفس السائق ولا نفس القطار تدقيقا…
أجمل الوزيرات التي تعطل شجاعتها في القرار بشجاعة مفترضة ضد الذين لا يحبون الإصلاح المفترضين، هواة السوفسطائية والتفكير بمنطق الفكر الإسلامي والفلسفة…
أجمل الوزيرات هي التي تقضي ساعة كاملة وهي تدردش ،فتزيد حيرتك، وتشعر بأن الخيار العدمي يجد أحيانا مبررات معقولة !
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 27/07/2022