ما بنته صوفي هدمه عبد الله…

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ما أهدته الراهبة العجوز للمسلمين في فرنسا انتزعه منهم الشاب المسلم..
كانت فرنسا تنتظر صوفي برتونين، فجاءتها مريم، وقد أسلمت، وانتبذت من الأرض شرقا إسلاميا…
صوفي كانت رهينة، راهبة رهينة بين يدي الجماعات الإسلامية في مالي، قضت سنتين في الأسر، خرجت منها أكثر حرية: لقد أعلنت أنها اعتنقت الإسلام، وتوجهت إلى وطنها فرنسا لكي تعلن لهم ذلك.
من بين كل الطرق إلى لله.. اختارت المحبة في قلب المسيح وقلب محمد…
نعرف البقية…
ارتفعت أسهم المسلمين، حتى وإن ارتفعت حرارة الفوبيا المناهضة لهم في وطن يملكون حق المواطنة فيه كاملة..
كان أنصار الهمجية يتضاءلون أمام الدرس الصوفي لمريم…
المسيحية التي تسمت باسم العذراء عندما دخلت الإسلام، شيء جميل، جاءت لتذكرنا جميعا بأن المسيح، كان مسلما.. كانت الراهبة، بيترونين (75عاما) قد اختُطفت في 24 دجنبر 2016، على يد مسلحين في غاو شمال مالي، حيث كانت تقيم منذ أعوام وتعمل في منظمة لمساعدة الأطفال، لم تجعل من اختطافها مبررا لتعصب متأخر وهي على أبواب النهايات، بل قالت إنها ستدعو لله لكي يلطف بمالي…
كانت عائدة لكي تقول بأن الإسلام الذي يتهم في فرنسا والغرب، هو أعز ما طلبت وأقصى ما تصبو إليه سيدة زهدت في الدنيا باسم المسيح وتسعى إلى تركها باسم الإسلام.
لا بأس بالتعصب الذي هاجمها واعتبر بأنها حنثت بعقيدتها وخانت فرنسيتها..لا بأس.. كانوا مصدومين، وقد جاءت الشهادة هائلة عن الدين الذي يحاربونه..
لكن هذا الدين غير محظوظ حقا بالذين ينتسبون إليه، ولو كان في عقر فرنسا نفسها.
هؤلاء الذين قدموا أحسن الدليل وأفضل الحطب لتأجيج النيران ضد الثقافة والديانة والبشرية الإسلامية…
في المقابل، قطع عبد لله. أ رأس أستاذ التاريخ والجغرافيا ورب الأسرة صامويل باتي البالغ 47 عاما، في شارع قرب المدرسة التي يدرس فيها في كونفلان سانت أونورين بينما كان عائدا إلى منزله.
ماكرون الذي يستعد منذ فبراير الماضي للركوب فوق حصان الانفصالية الإسلامية أو ما سماه الانفصالية الإسلامية، وجد في الذبح كبش فداء، الذي ذبح الأستاذ في الواقع كان يقدم المسلمين كبش فداء كلهم…، وليس الذي أساء في نظره للإسلام ولنبي الإسلام…
أيهما أقرب إلى سيدنا محمد، يا ترى، المسيحية صوفي التي أصبحت مريم أو المسلم عبد لله الذي صار قاتلا؟
في سياق الحرب التي يراد لها أن تجيب عن معادلات المجتمع الفرنسي المتراكبة، يراد لها أن تطغى على العنصرية وأن تكيف العلمانية وأن تعيد ترتيب الهوية المتمركزة حول الأقطاب القيمية المسيحية اليهودية jud’o chretienne.
ماكرون يريد للقانون أن يكون بهدف «مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية «، ولهذا سارع إلى اعتبار أن الأستاذ الذي تم ذبحه، كان ضحية حرية التعبير!»
والمقدس هنا هو الإنسان ، وليس الفعل الديني، في دولة تلتبس فيها المواقف على قاعدة الهدف..وهنا قدم عبد لله الحجة وساعد على تقريب الرأي العام أو الشعور العام بالأحرى من القانون وربح ماكرون ونزعته اليمينية فصلا ومسافة في عقل الفرنسيين…
لن يقبلوا، مثلهم مثل البشرية جمعاء، ذبح أستاذ على قارعة الطريق ورمي رأسه ليتدحرج فوق الأرصفة…
الجالية الشيشانية المقدرة بنحو 200 شخص في لامدلين من أصل 12 ألف ساكن، «لا تطرح مشاكل خاصة»، إلا أن هذه الجالية صارت تخشى في الوقت الحالي من أن تكون ضحية للتشهير والوصم عقب الاعتداء.
ثاني الضحايا أسرته، حيث في الليل داهمت الشرطة وعناصر مديرية مكافحة الإرهاب الشقة، والعمليات خلصت إلى توقيف والدي الشاب وجده وشقيقه الصغير «من دون صدامات».
وكانت الضحية الإضافية التي باسمها ترتكب الحماقات، هي الإسلام ونبيه الكريم: لم يفت سيدنا محمد بقتل أستاذ في فرنسا البعيدة ولن يفتي أبدا….
لا أحد كان يعرف القتيل، سوى المجنون!
هذه الفظاعات لا يمكنها أن تكون ركنا في هوية المسلمين، عليهم أن يدينوها..بكل بساطة!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 19/10/2020