ما هي المؤامرة التي قادت اخنوش الى رئاسة الحكومة؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
كانت مناسبة مرور سنة على تشكيل الحكومة، فرصة لرئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش لكي يدافع عن حصيلته (والتي تسميها الأوساط المناوئة له بالحصلة)، كما كانت مناسبة ليعود الرئيس الأسبق للحكومة، عبدالاله بنكيران إلى واجهة الحديث (وليس الأحداث) لاتهامه بالتآمر من أجل الوصول الى سدة الرئاسة!
وهي تهمة ثقيلة، وتزداد ثقلا عندما تأتي على لسان رئيس حكومة سابق، وأمين عام حزب من المعارضة، في خاتمة الترتيب ولا شك، ولكنه أمين عام لحزب رئيس حكومة سابق.
الاتهامات جاءت في رده على عزيز أخنوش نفسه في لقاء مع شبيبته، قال فيه: «إن المغاربة عاقبوا حكومة دبرت شؤونهم لولايتين …ومادارت ليهم والو».
وقد تعمد الرئيس الجديد إسقاط مشاركته في ذات الحكومة التي عوقبت بمقتضى تصريحاته، وتحميل السابقين مثالب ما وقع.
وأسقط أيضا المسؤولية التي يتحملها، على اعتبار ضمني بأن رئاسة الحكومة هي التي تعني الحكومة وليس المشاركة فيها ولو كانت كل القطاعات المهمة من نصيب حزب غير حزب رئيس الحكومة…!
وفي الواقع هذا جانب من الاصابات الجانبية في مقارعة غير مسؤولة، بين ما قاله الأول في لقاء بشبيبته وما رد عليه الثاني في ملتقى وطني جمعه بالكتاب الجهويين والإقليميين لحزبه، يوم السبت الماضي.
وهنا قال «إن حكومة أخنوش جاءت بمؤامرة ..ولن تكون حكومة جيدة»
نحن الذين ما زلنا نؤمن بأن الكلمة لها وزنها في الحقل الخطابي للسياسة، وما زلنا نؤمن بأن كلام العقلاء منزه عن العبث، نشد رؤوسنا و»نخممم ألف تخميمة» في هذا الاتهام المتبادل… ونسأل: هل هناك عقلاء كلامهم منزه أم هناك ما دون ذلك، وكيف لنا أن نعيش في ديموقراطية هشة تكون نتيجتها المؤامرة؟
صحيح أن فكرة المؤامرة فكرة سائدة في العقليات، ولعل أفضل تعبير ساخر عنها هو ما كتبه ألبرتو إيكو في «بندول فوكو» على لسان أحد الشخصيات «أنا واحد من الناس الذين يعتقدون بأن هناك جماعة سرية لها تفرعات عديدة في العالم برمته تتآمر من أجل أن تنشر إشاعة بأن هناك مؤامرة كونية» غير أن النظرية بدون وجه، شيء، والتصريحات السياسية في مناسبات سياسية محددة لا يمكن قضاؤها بترك، قد يسعف الشعوبية عموما في وصف العالم وفي تذويب المسؤوليات والبحث عن قوى غيبية وخارجية في تفسير الأحداث..شيء آخر!
وما يقوم به رئيس الحكومة الأسبق هو أنه يعطي قراءة ثانية لأحداث سابقة، بناء على تفكير جد نقدي بل عدائي ..
ومِمَّا يستشف منه أن هناك تناقضات في الرواية الرسمية لما وقع في شتنبر الماضي!
وهنا يحسن برئيس الحكومة الرد، لا الصمت ولا التنابز بالألقاب ولا حتى التجاهل..
النظرية المؤامراتية لا تنهار إلا بما يتحقق من وفرة في التوضيحات والمعطيات والمواقف والمعلومات وغير ذلك من الحجج الدامغة….
أن تكون هناك مؤامرة تعطي نتائج انتخابية رباعية، فهذا يعني أن الذي قام بها يفوق رئيس الحكومة، الذي لا تتجاوز قدرته المال والشبكات والضغط..
ونحن عندما نطرح السؤال، فإننا لا نقرأ النوايا بقدر ما نقول: من الذي احتل مكان المشرف الرئيسي على الانتخابات، أي الدولة التي لم يتهمها بنكيران صراحة، لكي يقوم بما قام به من مؤامرة؟
من حق المغاربة ألا يقفوا عند التفكه في قضية من هذا القبيل، وأن يجدوا جوابا صريحا عن سؤالهم: ما هي المؤامرة التي قادت أخنوش إلى رئاسة الحكومة؟
ودون ذلك، فإنه لا مجال للثقة، ولا مجال لبناء منظومة أخلاقية سياسية قيمية يمكنها وضع النقاش العمومي على مسار صحيح وسكة واضحة!
فلا يمكن أن يصرح رئيس حكومة سابق بما يحلو له بدون أن تكون هناك أشياء تترتب على ما يقوله، في حين تكون هناك متابعات لتصريحات مغاربة عاديين؟
كما لا يمكن أن يحتمي رئيس الحكومة الحالي بنوع من «النضج الاخرس»، في السكوت عن ذلك..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 13/09/2022