مبررات تحالف دولي من أجل القدس!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
مدينة واحدة توجد في الأرض وفي السماء في الوقت ذاته…
مدينة القدس…
مدينة واحدة تقيم على مسافة واحدة من الماضي والمستقبل، أما الحاضر فيها فهو علامات دم وأزهار ومقاومة وصلوات…
مدينة واحدة تقيم بين الوعد السماوي وبين المقدس… فوقها بقليل وتحت السماء تتكدس الصلوات والأدعية والأمهات، وجلبة الأنبياء والملوك والفرسان والأرامل والملائكة وبصيص صوت من فيروز..
ممر الأنبياء وأصواتهم، ومئذنة الروح، الإنسانية المشتركة هناك، فيها تعانقت اللغات والحضارات والرموز والشعوب، وتعايش الأنبياء حول مائدة العشاء في أورشليم القدس…
وربما آن الأوان كي يجد العالم مدينة تشبه الأرض، ويعتصم بها دفاعا عن روحه. آن الأوان فعلا كي يبنى تحالف دولي، إنساني من أجل مدينة القدس، أقرب الطرق إلى السماء وأقربها إلى تاريخ الناس.
معنى الدعوة التي وجهها الملك، سابقا في 2009، وأعادها أول أمس في رسالته إلى المؤتمر حول القدس، هو أن تتماهى البشرية مع مهوى الأنبياء، ومرتع المقدسيات كلها…
ولذلك قد يبدو المستحيل هو الأفق الوحيد الممكن للقدس!
ومع ذلك، فهي عاصمة الحرية بالنسبة لفلسطين الوطن والدولة.. وهي جغرافيا الحلم عندما يتحقق مصحوبا بالحرية، ومع ذلك ليست القدس رهانا عربيا حصريا، ولا رهانا إسلاميا، ببعد واحد..
لكنها تبحث بالفعل أن تكون جوهر اتفاق الإنسان في عصر النزاعات.. تحالف في قلبه العرب والمسلمون، وحول حقهم تتآلف قلوب المحبين للسلام.
والقدس أيضا هي ضاحية الآثام، التي صرخ فيها النبي لوقا: «أنت التي تقتلين الأنبياء وترجمين الرسل كم مرة حاولوا أن يجمعوا أبناءك تحت جناحهم، مثل صغار الطيور، لكنك لا تريدين».. تحتاج تحالفا إنسانيا واسعا لمصالحتها مع الأرض والسماء، مع الحاضر والمستقبل..
وهذا التحالف له أجندته السياسية، أي أن تبقى القدس موروثا بشريا روحيا وعمرانيا فوق الانتماءات غير الإنسانية، وتكون في الوقت نفسه نهاية الحروب التي بدأت منذ الزمن السحيق..
ارتبط اسم القدس باسم الملوك المغاربة، باسم اللجنة التي ظلت صامدة…
وارتبطت المقاومة الميدانية باسمهم وعندما يقترح الملك هذا التحالف فلكي تجتمع أسباب الصمود الأكبر وأيضا ليتحقق الهدف ..
حول القدس يجب أن تتلاقى الديبلوماسية القادرة على تغيير الوضع وتحريك الملف وتحقيق النجاعة..
مقومات عمل هذا التحالف العالمي تقوم على إعادة تنشيط الدورة التفاوضية بين أصحاب الحق وبين أعدائهم، بمشاركة العالم كله.
الهدف الدائم قيام دولة فلسطين، بممثليها الشرعيين، توحيد الموقف العربي بعيدا عن تقاطبات الدول الوطنية وبعيدا عن استعمال فلسطين درعا حربيا ضد الأشقاء..
العمل الميداني القائم على التواجد المستمر، والسند المتزايد لأبناء القدس خصوصا وأبناء الدولة الفسلطينية…
ويقوم التحالف الدولي بإعطاء المنطقة فرصة للسلام باعتبارها من مقومات السلام العالمي…
باسم فلسطين وباسم القدس تحدث حروب كبيرة، وصراعات وعمليات وتفجيرات واقتتالات، تنتشر في العالم كله..
هي أصل الاحتباس الحضاري الذي يخنق مناطق العالم المشتعلة..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/02/2023