مجلس الأمن يصوت على قرار حول الصحراء.. استمرار وقف إطلاق النار ومسلسل السلام متلازمان

عبد الحميد جماهري

من المتوقع أن يناقش مجلس الأمن ويصوت على قرار جديد يخص الصحراء المغربية، يومه الاثنين 30 أكتوبر الحالي، كما هي العادة السنوية.
ولا ينتظر أن يعرف هذا القرار انقلابا جذريا عما سارت عليه الأمور إلى حد الساعة، على الأقل منذ 2018 وترسيخ النقاش حول مقترحات المغرب وطي صفحة الاستفتاء كشكل وحيد لتقرير المصير…
وإذا كانت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة قد اختارت توجها محددا منذ القرارين الأخيرين 2602 و2654 ، يتعلق بتحديد معايير الوصول إلى البحث عن حل سياسي سلمي متوافق عليه، مقبول من أطراف النزاع، وحددا بالتالي أفق القضية،
حل متوافق عليه «والمسار الواجب اتخاذه» المسار السياسي السلمي. والشكل المناسب لذلك «الموائد المستديرة» فإن الفترة الفاصلة بين القرار الأخير والتصويت اليوم تميزت بإعلان الجزائر رفضها المشاركة في الموائد المستديرة، وإعلانها من جهة ثانية رفض القرار الأممي مع دفع ميليشياتها إلى التراجع عن وقف إطلاق النار…
بهذا الخصوص كان تقرير الأمين العام انطونيو غوتيريش قد استفاض في جانب إطلاق النار، وتحدث في التقرير الأخير عن أن هناك بلاغا للجيش الملكي لبعثة المينورسو يتحدث عن حدوث 550 هجوما جرى فيها إطلاق نار من مسافات بعيدة على وحداته عند الجدار الرملي أو بالقرب منه، كما أبلغ عن طائرات استطلاع صغيرة مسيرة تحلق فوق وحداته في 18 مناسبة، وذلك في الفترة الفاصلة بين 1 شتنبر 2022 و31 غشت 2023.
الجهة الأخرى رفعت الرقم إلى أبعد من ذلك، بطبيعة الحال، وهو ما يكشف نية في خلق جو من الريبة والشك حول الحقيقة القائمة في منطقة الصحراء برمتها، وإن كانت الخارطة المعنية برفع درجات التوتر تبين تركيز العمليات والتهديف في 69 من الحالات في منطقة المحبس.
وإذا كان غوتيريش نفسه قد قدم، في الفصل الثامن من التقرير الخاص بالملاحظات والتوصيات، تقديرات مماثلة في التقريرين السابقين في النسختين الأخيرتين، فإنه يتحدث عن قلق بالغ «من أن الحالة الراهنة المتدهورة أصبحت مترسخة»، ودعا إلى تصحيح هذا الوضع لأغراض منها تجنب أي تصعيد إضافي. ولعل المعنيين، بالدرجة الأولى، بالعمل على تغيير المسار التصعيدي، هم من دشنوه أول مرة ويبنون فرضياتهم الأممية على مفاصل الحرب.
ولقد سبق للمغرب أن نبه إلى أن الأعمال القتالية في هذه المنطقة «تشكل انتهاكا لوضعها بوصفها منطقة منزوعة السلاح»، وهو ما جعل بلادنا تنبه إلى أن أي فراغ تتركه هذه الأوضاع في المنطقة، يدفع المغرب إلى الرد عليه بشكل جذري وحاسم.
غير أن ما يمكن أن يجعل تقرير الأمين العام، مقدمة للدفع بالمزيد من العمل نحو توفير شروط الحل السياسي، هو خلاصته بالقول إن هذا. السياق الصعب يجعل التفاوض على حل سياسي… أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، بعد مرور ما يقرب من خمسة عقود على النزاع، وشريطة مشاركة جميع الجهات المعنية بحسن نية ووجود إدارة سياسية قوية.
ومن المستجدات، إذا كانت هناك مستجدات ذات معنى، أن الأمين العام يطالب بضرورة أن يسهب جميع المعنيين في عرض مواقفهم من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، على نحو ما دعا إليه مجلس الأمن في القرارين 2654 و2602، وهما القراران اللذان ترفض الجزائر الامتثال إليهما بخصوص الموائد المستديرة والحل الذي يسقط الاستفتاء…
ومن البديهي أن المعني بالعودة إلى الوضع المناسب للعملية السلمية هو الذي أعلن انسحابه من وقف إطلاق النار، وليس من ظل يتشبث به وهو المغرب…
وطبعا سيدعو القرار إلى تمديد مهام المينورسو، لكن تحت سقف سياسي محدد هو البحث عن حل متوافق عليه عبر مشاركة المعنيين جميعا كما ورد في تقرير الأمين العام، وكما جاءت به تطورات الوضع منذ تقديم المغرب للحكم الذاتي كمقترح، يطالب تقرير الأمين العام بالاستفاضة فيه، وتدقيق بعض ملامحه.

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 30/10/2023