مفاتيح قرار مجلس الأمن 2703 حول الصحراء

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
رحب المغرب بقرار مجلس الأمن 2703، الصادر يوم أول أمس 30 أكتوبر 2023 بخصوص الصحراء، ويتضح من عبارات الترحيب أن المغرب ربط بين تمديد مهام المينورسو وبين إعطاء الأولوية والسمو لمقترح الحكم الذاتي .
من حيث الجوهر فإن تمديد مهام المينورسو ضمن المعايير الجديدة التي ستحكم جهودها في خلق بيئة مناسبة لاستمرار العملية السياسية، يعد بحد ذاته موقفا يدين الذين عملوا على عرقلة مهامها…
مجلس الأمن أعرب عن قلقه العميق إزاء الإخلال باتفاق وقف إطلاق النار من طرف جماعة “البوليساريو” الانفصالية المسلحة…
وأوردت تقارير المينورسو التي أعدها الأمين العام وثم مجلس الأمن في اتخاذ قراره، أنه في الفترة ما بين شتنبر2022 إلى 31 غشت 2023 أبلغ الجيش الملكي البعثة بوقوع 550 حادثا تم فيها إطلاق النار من مسافة بعيدة على الجدار الأمني 7 % منها في المحبس، ولا يمكن أن نعطي لهذا القرار كامل مداه إلا إذا وضعناه في سياق التقارير التي وصلت مجلس الأمن، ومنها تقارير المينورسو نفسها، باعتبارها المصدر الرئيسي، وأحيانا الأوحد لمجلس الأمن في تلقي المعلومات وفي التأكد من ادعاءات المتنازعين، وفي هذا السياق نجد أن المينورسو، حسب تقرير السيد الأمين العام أنطونيو غوتيريس، سجلت أنها:
– عاشت صعوبات كبيرة بالنسبة لعمليات البعثة..
– وفي الفقرة 13 سجل التقرير القيود التي تفرضها جبهة “البوليزاريو” على حرية التنقل، والتي تمنع البعثة من الاحتفاظ بسلسلة آمنة موثوقة للوجستيات وخدمات الصيانة وإعادة التموين تربطها بمواقع الفرق التابعة لها شرق الجدار الرملي … ومن ذلك ما حدث يوم17 مارس حين بلغت احتياطات الوقود درجة حرجة استجاب المغرب في حين كتبت البوليساريو ما يشبه التهديد» أن أي إجراء انفرادي للبعثة سيشكل تهديدا خطيرا على أمن أفرادها وسلامتهم…
كانت المساعي في الواقع تدفع نحو انسحاب المينورسو من شرق الجدار الرملي، الشيء الذي دفع المغرب إلى التصريح عبر ممثله عمر هلال، بأن بعثة المينورسو إذا أجبرت من طرف البوليساريو على الانسحاب فإن المغرب يحق له استعادة الجزء من الصحراء الذي سلمه إلى البعثة .. فالمغرب لم يسلم المنطقة من أجل بناء دولة انفصالية بل من أجل بناء السلام ووقف إطلاق النار مع الأمم المتحدة…
– في السياق ذاته فإن مضمون القرار الصريح فيه والضمني يذكر الأطراف الخصوم بأن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تراقبه المينورسو، هو مع الأمم المتحدة وليس مع المغرب…
-هذا القرار يعزز رؤية جلالة الملك وخياره الاستراتيجيين، لفائدة التفاوض، والتسوية السلمية للنزاعات ونهج سياسة اليد الممدودة، وذلك وفقا للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة…
– ويعتبر موقفا من الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، يعيد الأمور إلى نصابها بخصوص السعي إلى خلق واقع غير الواقع الذي يريده مجلس الأمن وما تقتضيه مضامين القانون والشرعية الدوليين، وأسلوب الواقعية والبراغماتية والتوافق، الذي تقتضيه إرادة الوصول إلى حل…
– مطالبة الجزائر بتغيير مواقفها وتطويرها أي الخروج من أساطير الحياد والاستفتاء والموقف المبدئي إلخ.. والدخول في منطق الموائد المستديرة، والتي كانت قد راسلت مجلس الأمن بمجرد تبنيه في القرار 2602 و2654 السابقين لتعلن أنها تعارض دخول الموائد المستديرة واعتباره السبيل الوحيد…
القرار يتبنى ويكرس الفلسفة المغربية التي بلورها الملك بخصوص المقاربة السلمية والسياسية للحل، ويتبنى إلى جانب المغرب مبدأ الحكم الذاتي واعتباره مقترحا جديا يساير مطالب المجلس بخصوص تطوير المواقف المعبر عنها…
ـ يساير المواقف الدولية ويسجل ضمنا ما يتم على المستوى الدولي في مناصرة الحكم الذاتي، وفي المقابل يسجل ضمنا وعلانية نهاية أسطورة الاستفتاء وتراجعه على الساحة الدولية، ومحاولة العودة إلى 1991 والقرار 690 في سياق مغاير، والحال أن أكثر من 84 % من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تعترف بالكيان الوهمي..
والتناقض الأكبر هنا ودليلنا على ارتباك الطرف الآخر هو المطالبة بهذه العودة إلى وظيفة المينورسو الأولى مع عرقلة مهامها في الوقت ذاته.
القرار، وبطبيعته التي تكرست منذ 2021، هو تجاوب مع المواقف المبدئية للمغرب وقد صارت مبادئ لمجلس الأمن يحملها إلى الأطراف المعنية، وهنا نذكر بالخطاب الملكي في الذكرى 39 للمسيرة الخضراء سنة 2014، والتي حددها الملك في رفض الموازاة بين دولة عضو في الأمم المتحدة وحركة انفصالية، ورفض انعدام القانون في تيندوف، ورفض تغيير طبيعة الصراع الجهوي وتحويله تصفية استعمار ورفض محاباة الطرف الحقيقي في الملف وهو الجزائر…
هوامش مرجعية
إن المغرب يتوفر على آلياته ومؤسساته الخاصة، المشهود لها دوليا بالالتزام والمصداقية، لمعالجة كل القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان.
والمغرب هو البلد الوحيد بالمنطقة، الذي يتعاون مع الآليات الخاصة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان.
كما أنه مستعد للانفتاح أكثر على مختلف الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية، التي تعتمد الحياد والموضوعية، في التعامل مع قضاياه.
والمغرب يرفض سياسة تبخيس مبادراته، وتضخيم الأحداث التي تقع بالأقاليم الجنوبية، مقابل الصمت والتواطؤ، تجاه ما يقع في تندوف، وفي بلدان الجوار.
إن اختيار المغرب للتعاون، مع جميع الأطراف، بصدق وحسن نية، لا ينبغي فهمه على أنه ضعف، أو اتخاذه كدافع لطلب المزيد من التنازلات.
فمبادرة الحكم الذاتي، هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب، في إطار التفاوض، من أجل إيجاد حل نهائي، لهذا النزاع الإقليمي.
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 01/11/2023