مقاهي ومطاعم في الحجر.. الصوم ليلا ونهارا! 2/1

عبد الحميد جماهري

ثلاثة مشاهد بسيطة في وضع معقد، أبات عنها قرارات الحكومة الاخيرة بخصوص تدبير الصيام في الزمن الكورونيالي…
1 – وَضع قرار الحكومة بمنع التنقل الرمضاني من ساعة الفطور إلى ما بعد الفجر، أرباب المقاهي والمطاعم والمحلات المرتبطة بالتغذية السريعة، أمام حَجْر مضاعف.
حجر أول يتجلى في حجر الصيام المفروض دينيا، (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )، والذي يمنع خلاله عقديا فتح المقاهي وتشغيلها ولو للأجانب!
خلال النهار، لا يمنع المغاربة من التنقل والعمل وكافة نشاطات الحياة، فيما مغاربة المطاعم والمقاهي ومحلات التغذية ممنوعين بقوة الصيام المقضي به دينيا.
وحجر ثان، هو حجر إداري وبائي، مفروض على كافة المغاربة ليلا.
الفرق الواضح بين الحجرين، هو أن أرباب المقاهي، والعاملين فيها على حد سواء، ممنوعون من العمل نهارا، كما كان الأمر إلى حدود الساعة، أي في شهور غير رمضان…وممنوعون ليلا، كقاسم مشترك بين الجميع، مع فارق مضاف إليه هو أنهم لن يستطيعوا تعويض مكاسب النهار التي تستوجب الامتثال للشرع والفرض الديني، بمكاسب الليل، لأنها إداريا ووبائيا غير واردة بالمرة..
وهذا وضع لا يشترك فيه أي قطاع من القطاعات، إذا استثنينا الفنادق والسياحة، كمستوى من مستويات انعكاس ميكانيكي للقرار الشامل، السالف الذكر.
لا يمكن مقارنة وضعنا إلا بالدول التي تسير على نهج الإمساك عن شهوتي البطن والفرج في النهار، والسياق لن يقودنا إلى مقارنة قرار الحكومة بقرار الفرنسيين أو الإيطاليين أو غيرهم، ممن يمكنهم الاستفادة من استهلاك نهاري محدد ومضغوط في كبسولة من القرارات الاحترازية..
ولا يمكننا أيضا أن نستسلم للمقارنة مع دول غيرها..
2 – وضعنا الحالي هو التالي:
حصل انقطاع في دينامية التلقيح، الفريدة والاستباقية، التي وضعت المغرب في طليعة كوكبة الدول النموذجية في القرار الوبائي، والتي كان يعول عليها في الحد من انتشار الوباء، وبالتالي تحقيق نسبة متقدمة من المناعة الجماعية، في شهر يونيو أو يوليوز كأقصى تقدير، على حد تصريحات وزير الصحة آيت طالب.
هذا التعثر الواضح أبطأ من وتيرة التلقيح، وبالتالي أجَّل تاريخ التفاؤل، لفائدة تجديد آجال الحذر والتوجس.
3 – في المقابل، طرحت روحانية الشهر الفضيل، أن التذكير بالأسس الإيمانية والروحية للشهر الفضيل، لا يجب أن يكون ذريعة ضد الباحثين عن لقمة العيش، أو ترويض غضبهم من قرار حكومي، مهما كانت وجاهته وأنه بالأحرى واجب على القوى العمومية لكي توفر الشرط و الإيمانية والروحية، على قدم المساواة مع الآخرين.
لا يمكن أن نطالب الفقير والضعيف والمعدوم الرزق، بأن يحتفظ بصوفيته وعمق إيمانه، تماما كمالو كان حاله هو حال الذي لا وسواس قهري يطارد أبناءه والعائلات …
هذه هي الحقيقة الواقعية، والحية لدى العائلات وأبنائها..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 09/04/2021