ملاحظات أولى على هامش قرار المحكمة الاوروبية..

عبد الحميد جماهري

أصدرت المحكمة الأوروبية قرارها بالحكم في ما أسمته إلغاء الاتفاقيتين الأخيرتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي، واحتفلت فلول الانفصال والمساندون لهم من الاوروبيين بالقرار.
هذا القرار، والنصر المزيف يستوجبان منا بعض الملاحظات والتدقيقات.
­ كان أول رد، مباشرة بعد صدور القرار، هو الرد الأوروبي المغربي المشترك، أي بيانهما بأن الكيان الأوروبي، المخول قانونيا وسياسيا واقصاديا بتمثيل أوروبا، وقَّع هو والكيان المغربي، ممثلا في الدولة المغربية، بيانا مشتركا حول الموضوع.
البيان المشترك لا يعني سوى أمرين اثنين:
أن الكيانين، جسد واحد في رفض القرار وآثاره المفترضة، وهو ما يعني أن الاتحاد الاوروبي والمغرب، بذلك يواجهان معا الخصم الذي يقف وراء القرار وبواعثه السياسية.. ومقدر عليهما ومحكوم عليهما بذلك.
أن العلاقات التجارية لن تتوقف، وأن القرار لن يكون له أي أثر فعلي على التبادل التجاري والتعاون. فالذي يُّصدر سيواصل التصدير، والذي يستورد سيواصل الاستيراد..
وللتذكير، فالمجلس الأوروبي، سبق له أن أعلن بأن الطرف المدعي عبر محاميه والأحزاب العجيبة في البرلمان، أي البوليزاريو، ليست له أي صفة ترافعية إزاء المحكمة..
وبالتالي هذا يفسر غيابه عن المحكمة وأيضا نزع أي صفة ترافعية عنه، ومن ثمة أي آثار للقرار..
­ الملاحظة الثانية هي أن المغرب ليس طرفا في القرار، باعتبار أن الدعوى القائمة رفعت ضد المجلس الأوروبي، أو مجلس أوروبا، وهي الجهة التنفيذية في القارة.
­ الملاحظة الثالثة، لا شك أن الديبلوماسية المغربية، في تقدير الموقف من القرار، سجلت بأن هيئة المحكمة التي أصدرت القرار الحالي هي نفسها وبنفس التركيبة التي سبق لها أن أصدرت قرارا مماثلا في 2015.
فالقرار لم يفاجئ المغرب، سلفا وحالا.. وإذا كان القضاة قد أخطأوا في المرة السابقة، وتم إصلاح الخطأ أمام محكمة الاستئناف، فإنهم قد أخطأوا هذه المرة أيضا، وبالتالي فإن الأطراف التي من شأنها الاستئناف ستقوم بذلك، وسيكون الختام نفس النتيجة السابقة، أي الاصلاح والمعالجة.
بمعنى آخر، نفس القضاة أخطأوا في 2015، بقرارهم وقتها ونفس الأطراف ستستأنف وتعالج الأمور من جديد في القضية الحالية.
وفي الحالة الراهنة سيتحرك المصدرون، كما سيتدخل المجلس الاوروبي الذي صدر الحكم ضده في المحكمة.. وبه الإعلام.. وتتواصل الانشطة كما اتفق..
الملاحظة الرابعة: هذا فيلم سبق للمغرب أن شاهده في 2015، فيلم عن حرب سياسية بِلُبوس قانونية، وكثير من الايديولوجيا المناهضة وقليل من القانون، والكثير من الحشو يبدو ظاهريا قانونيا، لكنه لا يمت إلى طبيعة الاتفاقيتين المعنيتين به. “وبلغة أهل القانون، فالحيثيات أغلبها سياسية واعتباراتها إيديولوجية، لا تمت بصلة لمضمون الاتفاقيات.
وعندما يكون قرار بهكذا شكل، فهو يحمل في الغالب البصمات التي تجعله غيرمنسجم، ولا يراعي تحولات كبيرة تحدث في علاقة كيانين يبنيان موقفا موحدا عندما يتعلق الأمر بالتعاقد بينهما..
لقد تبين في حرب البرلمان الأوروبي، أيام الأزمة الإسبانية كما في المحكمة الأروبية الآن أن الفضاءين اللذين يخضعان للتأثير، السياسوي والإعلامي، وحيث تتلاقى مويجات التيارات السياسية الاديولوجية، غالبا ما يكونان ساحة للتصعيد ضد المغرب، في حين تبقى المؤسسات التي تدير وتسير وتقرر في الاتحاد الاوروبي، وهما اللجنة والمجلس بعيدين عن التأثير وحريصة على استمرار التعاون..
وهذه قصة لا بد من العودة إليها

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 30/09/2021