من يخبر الرئيس تبون بأن كورونا وصل الجزائر؟ 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ونقلت إلينا الوكالة بفرح عجيب، كيف تطرقت مجلة ” لوموند ديبلوماتيك ” الفرنسية في عددها الشهري الأخير، إلى فشل نموذج التنمية المغربي من خلال تحليل نقدي للوضع السياسي والاقتصادي للبلاد.
ولعلها لم تر في المقال، حتى وهو يصادف هوى في نفسها، كيف أنه استشهد بكلام ملك البلاد وبتقارير مؤسسات البلاد، من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والبنك المركزي المغربي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي…
لهذا لم نفهم هذا الفرح بأسبوعية “لوموند ديبلوماتيك”، التي صرح لها مغاربة، ما زالوا مقيمين هنا، ويقولون ما يقولونه على رؤوس الأشهاد ويعودون إلى بيوتهم، ولم يتهم أحد فيهم بضرب معنويات الجيش أو التخطيط للدمار الوطني ولا أقيمت لهم محاكمات سريعة قادتهم إلى السجون.
ولا نفهم السعادة القصوى في تكرار مؤشرات التنمية، التي تعد من صميم الحديث اليومي للنخب والهيئات والتقارير الوطنية.
لا نفهم إذا اعتبرنا طبعا أنها تقوم بعملها في الإخبار، لكن عندما نعلم بأنها تقوم بعملها في التكييف المرضي لحقائق نعيشها بوضوح، فإن المقصود هو إقناع الشعب الجزائري بأن المغرب في حالة يرثى لها، وأن نظام “كوفيد 19″ونظام “بوتيف20” قبله، هما أفضل ما جاءت به البشرية جمعاء.
غير أن من غرابة الطبخ النظامي للدولة أنه لا خبر عن ما نشرته مؤسسة معروفة، هي “مؤسسة جان جوريس” عن الجزائر، والتي عنوت مقالها بـ “كوفيد­19″ يشكل مكسبا للنظام الجزائري من أجل مواصلة سياسته القمعية”.
بالله عليكم، هل هناك نظام عاقل يمكنه أن يعتبر الوباء مكسبا وفرصة تاريخية لضرب شعبه؟
بالله عليكم هل هناك رئيس دولة، باستثناء تبون، يمكنه أن يعتبر جائحة تاكتيكا سياسيا لربح معركة ضد الحراك؟
ماذا تقول المؤسسة؟
تقول “مؤسسة جان جوريس” إن الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس”كوفيد­ 19″ تشكل “مكسبا” للنظام الجزائري من أجل مواصلة سياسته القمعية ضد الحراك، هذه الحركة الاحتجاجية الشعبية التي تهز البلاد منذ فبراير 2019.
وأكد خوسيه غارسون، عضو مرصد شمال إفريقيا والشرق الأوسط ب”مؤسسة جان جوريس”، في مقال تحليلي تحت عنوان “الجزائر.. كوفيد­19 تأتي لإنقاذ الجنرالات”، أن هذه الأزمة تمكن “السلطات من مواصلة سياستها القمعية وعدم تقديم إجابات للحراك، الحركة التي قررت تعليق تعبئتها بعد أن تحتم عليها ذلك”.
وأشار كاتب المقال التحليلي إلى أن “النظام الجزائري، المستهجن من طرف الشارع، تمكن للمرة الأولى، في 12 دجنبر 2019، من تغذية الشعور بـ “النجاح، من خلال تمرير “انتخاباته” الرئاسية وفق منطق القوة، لكنه واجه منذ ذلك الحين نفس الاستحالة” إنهاء الحراك، هذا التمرد الشعبي النموذجي من خلال سلميته ووقعه ونضجه”.
ماذا نفهم من هذا كله؟
نفهم أن وباء من القرون الوسطى مكن من الحصول على ما لم يكن صناع القرار العسكريون يأملون به.. وضع حدا لمسيرات الحراك الأسبوعية التي تطالب، منذ أكثر من عام، بـ”تغيير النظام…”.
لقد قيل كل شيء في هذه العبارة.
الجزائريون الأحرار تلطفوا ببلادهم، اتقوا الله في بلادهم فقرروا وقف الحراك، دليل آخر على الحكمة والضمير السياسي، لكن الانتهازية الجنائزية للنظام، لصوته الرسمي، تدفعه إلى الإسراع في الاستفادة من كارثة…إذ من الواضح أن النظام، الوفي لنهجه، يعتزم بكل وضوح الاستفادة من الوباء والهدنة الصحية التي أعلن عنها الحراك… لقمع الصحافة وفرض الرقابة عليها، فهو يسعى في جميع أنحاء البلاد إلى إسكات المناوئين ­ الناشطين السياسيين أو الصحفيين­، وثني الآخرين وإخافة الجميع.
بلاد الجزائر تعيش انهيارا صحيا، وانهيارا مؤسساتيا
وانهيارا نفطيا وانهيارا أخلاقيا ومتابعات ورقابة قمعية، وحراكها الذي لا يعرف جوابا عن ضرورة مستشفى كبير في البلاد، تعتقد بأن تزييف حقائق المغرب ونشر تفاصيل يومياته هو الحل. إنه أبعد من الحول السياسي، إنه ببساطة العمى الشامل سياسيا وشعبيا وإقليميا وإنسانيا.
الواضح أن نظاما أوتوقراطيا عسكريا، لا يستطيع أن يوحد «شعبه» ضد عدو لا مرئي متناهي الصغر ولا يمكنه أن يصنع منه كبش فداء مع البحث له عن متعاونين وطابور خامس في الداخل، من أجل تلحيم البلاد والمواطنين حول السلطة والنظام، هذا النظام سيجد في الدولة الجارة المرجع الدائم…
والبقية تولت المؤسسة الفرنسية شرحها…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/04/2020