ناجحة جدا، لكن ليست «غير مسبوقة»!

عبد الحميد جماهري
هي قمة ناجحة، لنقل إنها النموذج الأول الناجح عن الجيل الجديد من الشراكات الاستراتيجية التي يريدها المغرب بمحددات القضية الوطنية، أي منذ خطب الملك قائلا إنه لن تكون لنا شراكات إذا لم يكن هناك اعتراف بحقوق المغرب الترابية.
ولعل الشراكة الإسبانية المغربية التي وضعت محدداتها في لقاءات سابقة، وتتم الخطوة الثانية فيها حاليا، هي الأولى بعد القواعد الجديدة في إبرام العلاقات مع القوى الدولية.
ومع ذلك نقول: ما زالت لم تصل بعد المرحلة غير المسبوقة!..
فقد مثلت القمة الاقتصادية بين أرباب العمل المغاربة ونظرائهم الإسبان، مع حضور المجلس الاقتصادي المشترك بينهما، الخطوة الأولى في تفعيل بنود الشراكة الجديدة بين المغرب وإسبانيا.
ولعل الطرفان استحضرا العنوان الكبير الذي وضعه جلالة الملك من خلال بلاغ الديوان الملكي الصادر بمناسبة انعقاد القمة رفيعة المستوى بين الجارين، وما صرح به بيدرو سانشيز، من خلال تغريدته، وهو العنوان الذي كتب بأحرف كبيرة «النجاح».
وسبق أن قلنا إن العديد من النقط التي تهم خارطة الطريق الجديدة بين البلدين قد تمت تسويتها في مرحلة مباشرة منذ صيف 2022، وعليه يكون الانتقال إلى الخطوة الثانية عنوانا فرعيا للنجاح الذي يريده البلدان.
في الواقع كانت اللحظة منتظرة والآمال معلقة على مقرارات وإرادات ملموسة لتفعيلها تسعد الشعبين كما أسعدت المسؤولين وأرباب العمل.
ومن ذلك فإن التوقيع على الرفع من الموارد التي وضعتها الحكومة الإسبانية رهن إشارة رجال الأعمال من حيث رفع خطوط الائتمان من 400 مليون أورو إلى 800 مليون أورو، بداية جيدة منتظرة، وإسبانيا نحن شريكها الاقتصادي الثالث بعد أمريكا وانجلترا من دول خارج الاتحاد الأوروبي… بترابنا توجد ألف مقاولة وتستفيد حوالي 17 ألف مقاولة من الشراكة الاقتصادية، ارتفاع المبادلات إلى ما يفوق 10 ملايير يورو في الأشهر الأولى من 2022، وكلها معطيات اقتصادية تدعو إلى المزيد من الاستثمار والتبادل والنجاح المشترك. وفي سياق العلاقات جنوب شمال التي تمثلها الدولتان، نحن ما زلنا شمال الجنوب وهم جنوب الشمال، وبالتالي اغتنما الفرصة لإعطاء الصورة الأفضل في المتوسط وجنوب أوروبا، مع بناء أساس الاستقرار والتنمية المبتادلة بعيدا عن الأزمات وسوء الفهم واستغلاله في مقاربة الأوضاع في المنطقة…
سانشيز يأتي إلى المغرب معززا بقبعات عديدة ذكرناها سابقا (رئاسة الاتحاد الأوروبي، رئيس الأممية الاشتراكية، رئيس حكومة دولة استضافت مؤتمر الناتو في ماي 2022، وزعيم الاشتراكيين الإسبان).. والمغرب يتوجه بعرض جيوسياسي مفيد لإسبانيا في محاربة الهجرة النظامية والإرهاب، وقد تعددت عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية في ظرف وجيز كما تناقصت الهجرات بنسبة 33 ٪ حسب الأرقام التي قادها سانشيز للبرلمان الإسباني في الأسبوع المنصرم…
ومع ذلك نقول إن السرعة القصوى، السرعة المطلوبة من جلالة الملك ستكون هي القادمة، وربما في الزيارة التي سيقوم بها سانشيز بدعوة من الملك أو باستحضار ما كان جلالته قد طلبه من حيث دعوة «كل المسؤولين وكل الوزراء وكل القطاعات إلى العمل من أجل تفعيل أكبر لهذا المرحلة غير المسبوقة»…
لنقل إننا دخلنا المرحلة الجديدة.. وما زلنا بعيدين قليلا عن …المرحلة غير المسبوقة..
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 03/02/2023