نقطة نظام ضرورية لنا!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

رفع المغرب نقطة نظام في وجه تونس قيس سعيد، بعد استقباله لرئيس الانفصاليين استقبال رؤساء الدول. كان المشهد قاسيا وأقوى من أن تتحمله البلاد. وكان لابد من وقفة سيادية، لوضع كل نقط العلاقة على مائدة الحوار الشفاف والصريح والمستقبلي.
في المقابل، صار واجبا علينا الآن أن نضع، نقطة نظام في… وجهنا!
ونطرح السؤال عميقا ومتعددا:
ـ هل آلتنا الديبلوماسية مازالت تسير بالشكل المثالي الذي سارت به ورفعت راية الحق الوطني عاليا؟
ـ وهل الأوضاع مازالت في صالحنا كما كانت…. طوال الاستنفار الديبلوماسي لسنوات؟
ـ وهل الجزائر في الوضع نفسه من الضعف والعزلة التي كانت عليها؟
وهل القدرة على التوقع والاستباقية وقراءة التوقعات الديبلوماسية مازالت هي نفسها؟
ـ وهل مازالت لنا القدرة على تأمين مكتسباتنا، وأن الوضع الذي أفرزه انتصار أمريكا الشمالية لقضيتنا مازال يملك قدرة تعبوية لفائدتنا؟
ـ هل تضررنا من الموقف الفرنسي البارد؟
ـ وماهي تأثيرات الاصطفافات العالمية على ضوء الحرب الروسية الأوكرانية على موقعنا في خارطة العالم؟ ولفائدة قضيتنا الوطنية؟
وهي أسئلة سيكون من الادعاء القول بأننا قادرون،كصحافيين أو محللين إعلاميين أو حتى مشاركين في القرار الوطني من مستويات محددة، على كامل الأهلية، (من حيث المعطيات نقصد) للرد عليها والدخول في تلافيفها، لكن يبدو أن بعض النقط تستوجب نظرة نقدية وطنية، لا نشك بأن الجميع سيفهم معناها في سياقه الداخلي والإقليمي، بل نطرحها ونحن ندرك أن لديبلوماسيتنا القدرة على طمأنة الرأي العام والتفاعل معه، بل وتعبئته لتأمين شروط الفوز المستمر.
لا يختلف فقيهان في العلاقات الدولية على أن الديبلوماسية المغربية نجحت الى حد كبير في تمرسها الهجومي، واستطاعت النخبة الديبلوماسية عموما، في حقل محفوظ دستوريا، أن تحقق اختراقات تاريخية وغير مسبوقة.. فقد صار علينا. في الوقت الحالي ترصيد ما تحقق، وتثمينه بكل قوة، والعمل على تأمين الميدان الديبلوماسي الذي حققنا فيه إنجازات.
وهذا الموضوع يسائلنا مما وقع في تيكاد، وما كان يفترضه من لدن شركائنا الأفارقة المخلصين.
لقد لاحظنا، بغير قليل من الاستغراب مثلا، أن رئيس غينيا بيساو والرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيداو)ينسحب من ملتقى «تيكاد- 8» احتجاجا على مشاركة «البوليساريو» المفروضة من قبل تونس
هو نفسه الذي سيزور الجزائر زيارة رسمية في اليوم الموالي، ليعلن رسميا عن فتح سفارة جزائرية في عاصمة بلاده.
لاحظنا أن أصدقاءنا في بوروندي، الذين كانوا من أوائل من فتحوا تمثيليات لبلدانهم في الصحراء المغربية، وصل وفدهم إلى تونس في طائرة جزائرية..
وصفقنا لمواقف عدد كبير من البلدان الإفريقية،بما في ذلك السنغال التي عبرت عن أسفها لغياب المغرب العضو البارز في الاتحاد الإفريقي عن ملتقى «تيكاد»، و«لعدم وجود توافق في الآراء حول قضية تتعلق بالتمثيلية»…
وهي مواقف مبدئية لا يمكن إنكارها، غير أنها كانت مع ذلك أقل مما انتظر. الرأي العام، وإن كان للعارفين بشؤون الديبلوماسية ربما تفسيرهم المقنع لذلك.
ولعلنا لن نجانب الصواب إذا اعتبرنا بأن التحرك الديبلوماسي الى اجتماع يضم الدول التي فتحت قنصليات في الصحراء الوطنية المغربية، يأتي في إطار تأمين المساحات الديبلوماسية التي حقق فيها المغرب تواجدا جديرا بالاعتزاز ، كما هو جدير بالصيانة والمتابعة..
وهو أمر يقودنا الى طرح الاستباقية المشهود للمغرب بها في توقع المواقف وإعداد الردود المناسبة قبل أن «تقع الفاس في الراس».. كما يقودنا إلى طرح موضوع الدولة الاخرى (الجزاير) التي تريد أن تستعيد تأثيرها في القارة، التي فتحنا فيها أفقا غير مسبوق وتواجدا صار من نقط الخصام مع البعض من حلفائنا التقليديين، وقد يجدون، ربما تلاقيا موضوعيا مع نظام العسكر الذي ينتعش بفعل الأزمة الطاقية وما درته عليه من أرباح واحتياطات،.. كما وضعت له موقعا لا يمكن التغاضي عنه في الشطرنج القاري والإقليمي..
لننظـر ونتأمل .. ما وقع في تونس وما وقع مع فرنسا وما جرّته الحرب الروسية على المنطقة من تغيرات وأولويات جديدة.. لاشك أن العسكر الذي يعتبر المواجهة مع المغرب أولوية الأولويات، سيشتغل عليها جيدا…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 02/09/2022