نيكانور بارا، الشاعر مضادا!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
“القصائد المضادة” هو ديوانه الأكثر شهرة، وهو الطريق الذي اقتفته مجموعة “بيتجينرايشن” الامريكية، الجيل السيء والضائع من أمثال بوروز، وكيرواك ، جعله أستاذه ورمزه المطلق..
كلماته نيئة، يقول النقاد، لكنها تحمل المفاجأة دوما في طابعها النيء، وفي معانيها الخافتة ، وسخريتها وقلقها الرهيب، حتى وهي تصف الكلمات نفسها!..
في السياسة كان مع المهمشين وضد المنظومات القاتلة والقاهرة
سخر من اليمين واليسار في وحدتهما في شيلي الأزمات،
وفي السينما كان منبع خيال، كما في فيلم النمور الثلاثة الحزينة، لراوول رويث،
في الدين كان مع عقيدة شعوب الشيلي الاصلية لكي يضع مائزا بين تدينه وتدين المسيحية التي تحمي بينوشي وأمثاله..
عاش النقائض كلها، بكثير من الانسجام..!
الشاعر الشيلي حصل في 2011 على جائزة سيرفانتيس، أرفع جائزة أدبية تمنحها وزارة الثقافة الاسبانية منذ 1976 للناطقين بالإسبانية…
هو ذاته يعرف الشاعر المضاد،
في قصيدة له يتساءل:
من هو الشاعر المضادّ؟
أهو تاجر المرامد والتوابيت؟
راهب لا يعتقد في شيء؟
جنرال يشكّ في نفسه؟
متشرّد يسخر من كلّ شيء
حتى من الشيخوخة والموت؟
محاور متعكّر المزاج؟
راقص مشرف على الهاوية ؟
نرجسي يحبّ الجميع؟
مزّاحٌ جارح؟
بائس مع سبق الاصرار ؟
شاعر ينام على كرسيّ؟
خيمياويّ الأزمنة الحديثة؟
ثوريّ جيبيّ؟
بورجوازيّ صغير؟
مشعوذٌ؟
إله؟
بريء؟
قرويّ من سانتياغو دي تشيلي؟
ضع سطرا تحت الجملة الصحيحة.
رحل كما لو أراد أن ينهي قرنا وثلاث سنوات من عمره، بإحدى المقابر هنا بالقرب مني.. هنا في المغرب، أي في الوقت الذي كنت أخرج من مقبرة لكي أسافر الى أخرى..
في قصيدته “الشعر ينتهي معي”، يقول:
“القصيدة كان سلوكها جيدا
وأنا تصرفت بشكل مرعب
القصيدة انتهت معي”..
في عالم تُرك فيه الشاعر للهاوية،
لا بد للهاوية من أن يكون لها جواب ما عن كل الاسئلة التي تطرح على الشاعر!
الندية هنا، لا تعني بأن يتلقى الشاعر هول السؤال
وتتفنن الهاوية في الصمت..
لا بد منهما معا
في السؤال وفي الجواب
ولا بد منهما معا
في الهاوية وفي الشاعر!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 30/01/2018