هذه صورنا تدل علينا : السهل المغربي الممتنع

عبد الحميد جماهري

لا وقت للبلاغة:
لا وقت لشبكات القراءة، مصنفة بين دفوف الكتب
هي صورة..
هي صور تتحدث بلا لغة..
ملك ينحني بكل جلالته على جبين واحد من بسطاء شعبه بعد أن قبَّل كتف والدته:
في أعماق الروح سؤال هادئ: أي ملك أو أي رئيس دولة قَبْله فعلها؟
لا نحتاج دروسا في الماركوتينغ السياسي
ولا محاضرة في السيميائيات المقارنَة بين الشعوب
ولا مقاعد في مدرجات علوم التواصل لنجيب .
نحن لنا عاطفة تؤول كل شيء بما يجعل القلب المغربي مختبرا للعواطف
ومصفاة التقاط موجات النبل والسمو
مختبرا لكيمياء الانسجام.. هذه الصورة أسقطت نهائيا مفهوم «الرعايا»
ملك يحضن مهاجرا من إفريقيا جنوب الصحراء
فتشعر القارة برمتها بالدفء
ونفهم مجددا معنى »عائلتي المؤسساتية« التي قالها محمد السادس ذات عودة.
ملك يمنح دمه الملكي
سليل الدم النبوي،: كل العروق في أجسام الجرحى تشرئب لتشرب من هذا الدم.
وأي شعور للمواطن البسيط،
الصاعد من تحت الردم، وقد سرى في شرايينه دم الملك..؟
رجل كهل على دراجة هوائية
امرأة اجتاحها تيار جارف من العزة”شكرا لك محمد السادس درت لينا العز”
ونردد معها”:لقد وجدت الوصف..
وجدت مشاعرنا يا أختاه رددي باسمنا جميعا: شكرا جلالة الملك، شكرا محمد السادس »درت لينا.العز بين الأمم!”..
تلتقي قمة الدولة وأعماق الشعب ليصنعا هذا السهل الممتنع…
رجل بسيط فوق دراجة، هادئا يتسلل بهوائه ومعه كيس دقيق..
لم ينتظر الكاميرا بل، فقط، قلب عابر سبيل التقطه بتمكن عفوي…
لم يخضع لتمارين في التصوير لا هو ولا الرجل الهادئ على دراجته!.
يحمل الكيس ويضعه ثم. يواصل….
عادت إلى الذاكرة صورة خليفة راشد ورشيد يحمل كيسه ويجوب الدروب..
هذا الرجل البسيط أحيى صورة نموذجية في الخير عند الأمة لمدة 14 قرنا، وهو يعيد تصوير دور الخليفة الذي اختزنته الذاكرة..
يكاد ينصرف وهو يصفر لحنا دقيقا أو يجود آية .”تحسبهم أغنياء من التعفف”
سيدة عجوز محدودب ظهرها تحمل قنينة زيت
يقبل الشاب يدها ويتسلم منها مساعدتها.
يا إلهي،هل صنعت لنا هذا القدر حين جمعت كهلا وعجوزا وجمعت الزيت والدقيق في حركة واحدة؟
المرأة الفقيرة تهم بنزع خاتم زواجها
تكاد تبكي أنها لا تملك ما تساعد به….
الجميع يقبل رأسها
ويعانق أمومتها فينا!
لمثل روحها، ولا شك، سجدت الملائكة عند الخلق؛
لمثل نبلها يبكي الشعراء ويقذفون باللغة في غياهب السكوت!…
ومثلها، مثلها امرأة ذرفت دموع الزعفران..قالت::أنا لا أملك أحدا
أنا لا أملك شيئا
منذ الزلزال، لكني سأبعث لكم زعفرانا..
هذه صورنا تدل علينا
في البساطة
نحن الذين يجمع الحزن بين ملكنا وعجوز متعبة في قبلة واحدة…
ونحن الذين نستطيع أن نجمع بين الحداثة والقداسة في تمرين مواطن واحد…
نحن الذين نجمع القلب والعقل في وصفة واحدة نضمد بها الجراح ونفتح الباب الواسع للغد……

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 15/09/2023