.. هل سنعلم الأوروبيين قوانينهم؟

أقرأ ما يكتبه المحامون المغاربة، المتابعون لشؤون بلادهم والمنشغلون بمآلات مصالحها، كلما كانت بين أيدي المؤسسات الأوروبية، من قِبَل البرلمان الأوربي وفصول معركته المحتدمة في السنة الماضية.، أو مجريات القرار الصادر عن محكمة العدل الأووبية يوم الجمعة الماضية. لقد فسرنا ونفسر ) كلَّ ما علق بجدران العالم بعد سقوط جدهم الجدار الكبير في برلين. ونأتي إلى محكمة العدل الأوربية، ونقرأ ما يكتبه محامونا وما ينصحوننا به في مجادلة الفقه الأوربي التطبيقي ( أذكر الأساتذة الأصدقاء عبد الكبير طبيح ونوفل البعمري وإبراهيم الراشدي والأستاذ النقيب الزياني.. وغيرهم كثير )، ونتبيَّن الخيط الإيديولوجي من الخيط القانوني في القرار..
وأنا أتابع، من زاوية التتبع الصحافي أحيانا كثيرة ومن زاوية التحليل السياسي في القليل من الأحيان، أجد في السياق ذاته المعرفة العميقة والدقيقة بقوانين أوروبا:
حول اختصاصات المحكمة وطبيعة تدخلها ومهامها والقوانين الناظمة لعملها، علاقات كل ذلك بتأسيس الاتحاد الأوروبي وعلاقته بالوثيقة التأسيسية التي تعد دستورا للتكتل القاري الأقدم عالميا حاليا..
ويزداد استغرابي وتتعالى دهشتي، ولا أملك سوى أن أطرح السؤال: هل يعلم المحامون المغاربة ما لا يعلمه الأوربيون عن قوانينهم، في البرلمان وفي محكمة العدل الأوربية؟ هل يمكن أن نصدق بأن المحامين، والمترافعين عن المؤسسات المعنية بالحكم، وهي هنا مجلس الاتحاد الأوربي والمفوضية الأوربية، أقل دراية من المحامين الذين وكَّلهم البوليساريو ومن ورائه، الجزائر؟ وأزيد بغير قليل من المبالغة في الاستفهام: هل كان على المؤسسات الأوربية أن تستنجد بالمحامين المغاربة لكي يشرحوا للمحكمة الأوربية حقيقة الموضوع وتناقضات أحكامها مع القواعد القانونية والدستورية التي ترشد عملها؟
هي أسئلة تجعل الجواب من غريب المستحيل لا من رابعه ولا سابعه وليس له من تفسير إلا في توزيع المهام بين مكونات الذات الأوربية الواحدة إذا ما تجاوزنا الصراع باسم »دولة القضاة« الذي يتم بين الأجهزة التنفيذية والقضائية كلما كانت هناك قرارات..تهم الآخرين!
هناك مشكلة فعلا….أعجز عن فك لغزها واشتراطاتها، ولكني أحاول مع ذلك …
يزداد استغرابي عندما ينهض البرلمان الأوربي ليقول لا للقرار، كما لو أنه يخص دولا أخرى غير الدول الأوربية!
ويتضاعف الاستغراب عندما تعلن الدول الأوربية، كل واحدة على حدة، بأنها غير معنية بالقرار من جهة تمسكها بما تم إلغاؤه بواسطته، كما لو أن المحكمة غريبة…عن قارتها!