هل نصدق أن المغرب… «سيصير إسرائيل الثانية»؟! 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
تقديم لا بد منه
في يناير يعود الربيع المغربي، منذ 77 عاما.
ومن ينسى أن هذه البلاد وقفت طويلا في وجه الغزاة عليه زن يعود في كل صفحة تاريخ الى تضاريسها ويقرأ فاتحة وخاتمة ، منبع ومصب الحرية
***
تختلط الخرائط على السماء عندما ينشر البعض أن المغرب، موشك أن يصبح إسرائيل الثانية، أوالوطن البديل للمرة الثانية للإسرائيليين .
كما لو أن موسى عليه السلام يتدارك يقينه مرة أخرى، بعد أن تيقن من أنه أخطأ عاصمته، عندما وضع الحجر الأساس ليهود الشتات، وتوجه شرقا..
المؤرخون الجدد للعبث، يريدونه أن يتوجه نحو الاتجاه المعاكس..
وهكذا يعاد تاريخ جديد للكليم، ولما طغى الماء ثم هوى، »وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ بعد الطوفان الفرعوني، جاء إلى المغرب، في دوخة جغرافية رهيبة ثم عاد إلى طور سيناء.
ومازال يطوف بين الشرق والغرب، في تيه جديد.
ومن يقرأ المعارضين، ولا سيما القوميين جدا والإسلاميين للغاية، يفاجأ بالتعريفات التي تعطى لاستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بما لا يعطيه البلد المعني نفسه لخطواته!
ومن يقرأ التحليلات التي يكتبها العاقلون غربا وشرقا، لا يجدون هذا الهوس الرهيب بالدخول الأعم في مخطط، يبدو أنه لا يراه سوى المستشبحون الراديكاليون..
على الأقل، في الرواية الأولى، أي نقل أسهم الشركة / الدولة من فلسطين إلى المغرب ، نشعر أن هناك خوفا على المغرب، ولوأنه استشباح مهول.
والطامة أن هناك من يجعل من هذا بابا للخوف.. على الجزائر!
اييه نعم.
وتقرأ في قصاصات وكالة الجيران، أن هناك محللا وباحثا في شؤون العدو الصهيوني، كذا وخبيرا في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يقول بأن الهدف، هو: إشعال النزاعات، وتأجيج الصراعات في المنطقة، وتأليب المغرب ضد جيرانه!!
وهي لا تغفل هذا السخاء فتغطيه بما يليق به من حفاوة إعلامية.…
ومن الغريب أيضا، أن المؤخين في الوكالات اللدودة، اكتشفوا أن لليهود أولياء في المغرب، لم يكونوا قبل أن تستأنف الدولة اتصالاتها مع تل أبيب!
ويبدو- والله أعلم- أن البيعات والأولياء الصالحين اليهود في المغرب، مدسوسون في التراب، كخلايا نائمة في التراب، تنتظر أن تدق الساعة للاستيقاظ عندما يحين وقت قيام إسرائيل الثانية..
والحال أن التاريخ كما كتبه أحد أعلامه المغاربة حاييم زعفراني، يعود بنا إلى أزيد من ثلاثة آلاف سنة، عندما كان اليهود المغاربة، ناطقين بالأمازيغية أوبالعربية أوبالعبرية، يشكلون جزءا مهما من البلاد..
هو تاريخ، وليس هواية ساحرة للخيال الاركيولوجي.
الواقع المستخرج من معطف الأسطورة الميتة ، يريد أن يوجه هذه العلاقات نحو الآخرين، أما نحن في بلادنا فيبدو أننا انتهينا ولم يعد لنا من قرار سوى ما يراه العميان!
ليتَ الذين ينظرون إلى مايقع، يرون حقيقتك: هل كانت سوريا في حاجة إلى إسرائيل لكي تتقاتل؟وهل كان العراق بدوره على علاقة بتل أبيب لكي يدخل في حرب لم تنته بعد، وهل ليبيا تبادلت مكاتب الاتصال لكي تنتحر كل يوم ألف مرة؟
كل دول الصمود ، تشظت بدون الحاجة إلى بناء أواستئناف العلاقة مع الكيان الإسرائيلي..
على كل في العدل والإحسان ، هناك هدف آخر عبر عنه مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة ، محمد الحمداوي، الذي يرى في القرار محاولة من طرف المخزن تعويض الضعف الذي يشعر به بالاحتماء بقوى خارجية»، مبرزا بدوره أن »نظام المخزن ، وتر الأوضاع على المستوى المغاربي والإفريقي«. ..
وهو ما انتشت له الأوساط الإعلامية الجزائرية، التي تسعى منذ نصف قرن إلى تطويع المغرب وخريطته على هواها وشهيتها الجيواستراتيجية..
لست أدري إن كان الجنون شرطا في القناعة، وقاعدة ضرورية لا بد منها لبناء اليقينيات القومية والدينية حول فلسطين، لكن ما هو واضح وثابت، هو: ان الفلسطينيين أكثر عقلانيةً من هذا التخريف المعمم، وأكثر قدرة على قراءة الأوضاع بقاموس السياسة والتوازن، وموازين القوى،…وفتح الفجوة في صخرة واقع عنيد، من أجل بناء الدولة الفلسطينية الحرة وعاصمتها القدس.…
سنظل فلسطينيين حتى النخاع، هنا، فوق ارض المغرب، حيث القضية الفلسطينية حليب أمهاتنا، و جينوم مغربي ، ولون بشرتنا، ونبض عروقنا..
أما الفانطازمات الهيولولية-لا تسألوني ما معنى الهيولولية- فقد انبثقت من أصابعي كتعبير عن شيء يجمع بين الهيولى والهلام والهيلولة ) فلا مكان لها سوى في الانشطارية
النفسية ، التي تطبع مراحل بعينها ، ما بين الشعور بالعجز والحتمية في الأمل!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 09/01/2021