هندسة خطاب التحول التاريخي في القضية الوطنية!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ونحن نحتفي بذكرى المسيرة الخضراء، نعتلي ثلاث طبقات من الاحتفال
1 – أولاها، ترصيد المكتسبات التي تمت دوليا وإفريقيا وإقليميا.
على المستوى الدولي، لا يمكن أن نلخص المكتسبات المغربية إلا بما يفوقها!بمعنى أنها ليست مكتسبات ظرفية، مجزأة،تتجمع كقطرات في بركة ماء أو في نهر لكي تهدر وتكبر، بل هي، في محصلة الأشياء، انتصار للأطروحة المغربية على أطروحات تقدم مجزأة حينا ومؤلفة أحيانا أخرى.
من عناصر هذه الأطروحة التي نجح المغرب في ضحدها:
انهيار منظومة نزاع مغربي انفصالي – الاستفتاء- تقرير المصير – الدولة..
في حين يقوم تقدم المغرب في الملف على:
انتصار منظومة قوامها ، حل سياسي، يملك المغرب وصفته – موائد مستديرة- أطراف إقليمية الجزائر بالذات.
انهيار المنظومة المناهضة هو انهيار في أسلوبها وفي تعريفها للنزاع وفي أهدافها، وقيام منظومة، بدعم دولي واضح لا غبار عليه، تقوم على أسلوب مغاير، وتعريف مغاير وهدف مغاير.
ويتجلى العنصر الثاني في المكتسب الإفريقي دبلوماسيا هو القنصليات التي تنبت مثل عشب في الصحراء، التي تمثل عن حق جدارا ديبلوماسيا يسند الجدار الأمني في الأقاليم الجنوبية.
وعلاوة على هذا نعرف، بفعل تاريخ القضية، أن المقبل من المراحل، سيشمل تعيين المبعوث الخاص للأمين العام، وهو جواب تقني في عمقه، لا يرفضه المغرب بل يدعو إلى الاستمرار في نهجه ويدعمه.، وتكريس الجبهة والعواصم القليلة التي تددعمها كعواصم تناهض القرارات الاممية وتشكل عنصر لااستقرار …
ونعرف ، بفعل الارادة السيادية للبلاد أن النقطة الثانية، تتمثل في التقدم داخليا في مجال الأرضية الملائمة للدفع بالحكم الذاتي ميدانيا،مما يساعد على تصليب الموقف الوطني ، وحسم ترددات بعض من القوى الدولية ،على قلتها.
وهو ما يعني تطوير النموذج المغربي للتنمية والتدبير الترابي الجهوي…
2 – ثانيها، التقدم على جبهة ما قدمه ملك البلاد في خطاب 6 نونبر من السنة الماضية، والمتمثل، أساسا في استحضار المدى الذي وصلت إليه الأوراش التي فتحها الملك السنة الماضية.
وأساسها إعلان جلالته ودعوته الحكومة إلى:
– تغيير الخريطة، بما يجعل أكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد…
– تفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية.
– اعتبار الصحراء المغربية بوابة المغرب نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
وهي عناوين لمرحلة جديدة، لا بد من أن نثير فيها اليوم، ضرورة أن تقدم مشاريع ملموسة لتنزيل هذا التفكير، وهي مناسبة للتذكير بذلك، كما كان خطاب العرش الأخير، ترجمة عملية ورقمية ومؤسساتية لكل ما ورد من بيانات كبرى وتوجهات شاملة للخطة الاجتماعية والاقتصادية للتأهيل، تم الإعلان عنها في خطاب العرش في السنة الماضية.
3 – ثالثتها، لا بد من الحديث عن المستوى الذي وصل إليه النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية، والذي كان نموذجا عمليا لما يجب أن تكون عليه السياسات العمومية، والنموذج التأسيسي للنموذج الوطني العام.
وهو كما تم ذكره أعلاه ، ما سيمثل الأرضية الصلبة والحجة المادية على ما سماه القرار الأممي الأخير مجهودات المغرب في التنمية وإشادته بما يقوم به.
تأسيسا على ماسبق، تكون المرحلة الآن لتقييم ما تم إنجازه من النموذج التنموي الجنوبي، لاستلهامه في بلورة المشروع التنموي الوطني، والذي سبق لملك البلاد أن أعلنه منذ بداية المغامرة الفريدة لانطلاقة الأقاليم الجنوبية وتنميتها… كمرجع وكمثال لكا يجب ان يكون قاعدة في بلورة الاولويات ومشاريع التنمية الشاملة.
ونحن علي مرمى أيام من تقديم الصياغة النهائية لملك البلاد في ما يخص نموذجنا التنموي، ترابيا أو اداريا أو دولتيا .. الخ.
هذه، على الأقل، ثلاثة عناصر لقراءة الظروف التي ترد فيها الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة…
في ظرف متفرد للغاية ، ولا يشبه ما سبقه من الظروف
و بدون الحديث عن الوباء، فنحن على مشارف تحول تاريخي في القضية، قد يكون مآله اعتناق المجموعة الدولية للموقف المغربي في رمته…، كما نأمل ونناضل من أجله.
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/11/2020