وإذا توصلتم برسالة فردوا بأحسن منها أو بمثلها (2)

عبد الحميد جماهري
لقد التزم الرئيس الفرنسي بالعمل الميداني، داخليا ودوليا معا، من أجل التوصل إلى حل يحترم بالكامل، في إطار قرارات الأمم المتحدة، سيادة المغرب على صحرائه.، حسب الرسالة الملكية، وهو ما يعني الاتفاق على العمل سويا من أجل الهدف نفسه.
ومن الواضح أن خطوة الالتزام الفرنسي تعكس تجاوزا قويا، بالنسبة لفرنسا التي رهنت نفسها في رهانات التكتيك الملتبس، والتوازنات المفتعلة، للبقاء على مسافة معينة من المغرب والجزائر.
والحق أن المسافة واسعة وكبيرة بين الحق والباطل، والاختيار الجديد يحرر فرنسا من رماديتها كما يحررها من هذا التكتيك اللامتناهي في توفير المبررات لبلاد رهينة حسابات متجاوزة.
ونجد أن فرنسا حررت نفسها كذلك من أجل مصلحتها، وليس فقط لتحريرها من ريع الذاكرة..
والواضح من رسالة الملك أن أفق الانتظار سيكون دقيقا بالنسبة للمغرب وقواه الحية: ذلك أن المطلوب هو تحريك عملية السلام، وتجاوز عراقيل الدولة الجارة، وعناصر تأزيم المنطقة..
والرسالة الملكية تضع جدول أعمال المرحلة القادمة في ما يتحدد مستقبلا:
أولا، بالتنصيص على الدينامية الإيجابية التي تشهدها علاقاتنا الثنائية.
ثانيا، بالانفتاح على آفاق واعدة في العديد من القطاعات الاستراتيجية.
ثالثا، العمل على تعزيز الشراكة الاستثنائية المبنية، منذ عقود، على الصداقة والثقة…
وقد كان الملك قد وضع لوحة القيادة هاته منذ غشت 2021، عندما توجه إلى ماكرون وبيدرو سانشيز في نفس الخطاب، وقال فيه إن الأمر يتعلق، بعد حسم الموقف الواضح من السيادة المغربية، «بـ”تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات».
وهو أفق يريده الملك أن يكون مؤسسا على «الفهم المشترك لمصالح البلدين . بما سميناه دوما وحدة التحليل الاستراتيجي والاتفاق عليه..
ولعل من ثمرات الموقف هو أن هذا الاتفاق أصبح ممكنا، وهذا الفهم المقتسم بين البلدين صار معنى جديدا يحدد البوصلة الواجب اتباعها في تحليل واقع المنطقة ومستقبل العلاقات الثنائية على ضوئها..
ولابد من أن نسأل عن رد الجزائر، الاستباقي فيه والبعدي؟..
لقد عقد وزير خارجية الجارة الشرقية ندوة صحفية مدتها 25 دقيقة و46 ثانية، خصص فيها للقضية الفلسطينية، التي يجعل منها غطاء إيديولوجيا، 3 دقائق و28 ثانية، في حين أن الباقي كله 27 دقيقة و46 ثانية) تم تخصيصه للقضية الوطنية الصحراء المغربية!!! ويستفاد من ندوة وزير خارجية الجيران أن:
= فرنسا أخبرت الرئيس تبون منذ أكثر من شهر ونصف: أي منذ 13 يونيو بباري الإيطالية ..
وكان رد الرئيس الجزائري أن الموقف الحالي» ليس استنساخا للمواقف المعلن عنها من طرف فرنسا في 2007، بل يتجاوزها بكثير، ولاسيما .. التركيز على حصرية الحكم الذاتي، والاعتراف الصريح بمغربية الصحراء واندراج حاضرها ومستقبلها في إطار السيادة .. المغربية، وأسهب بطبيعة الحال في اللغة التي يستفاد منها التحدي غير ما مرة عندما قال إن الموقف لا يسهم في الحل السياسي .. بل «يغذي الانسداد، «وهو ما تسعى إليه الجزائر بكل قوتها في الواقع .. ذهب أحمد عطاف أبعد من ذلك عندما» قوَّل مبعوثين أمميين لم يذكرهم بأن «العديد أسرّوا لنا بأن الحكم الذاتي ليس جديا».
وذهبت الديبلوماسية الجزائرية إلى «إقصاء فرنسا» من القضية وأخرجتها منها!!!
على كل، الواضح أن الجزائر تريد أن تبقي حالة الانسداد والتلويح بتفاقم الوضع، والتنكر لكل التطورات … وهو ما لا يسير عليه العالم!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 02/08/2024