وبعض الحلول في العقل الرياضي ( من الرياضة والرياضيات معا)! (2)
عبد الحميد جماهري
وجدتني بين لحظتين كرويتين فارقتين: لحظة استرجاع عاطفي، تمثلت في السلام على كمال السميري، اللاعب الجميل الذي يحضر في ذهني بشعره الحر المسدل على كتفين يلهبان الملاعب، وأشكر له سعادة طفولية، وأنا أصافحه في المركب الفيدرالي الرياضي بمارينا السعيدية، ولحظة الحديث عن مآل مولودية وجدة، في راهن الرياضة الكروية الحالي.
كنت بين حنين أن تصافح من كان اسما يرفرف في قلبك وأنت يافع لا تملك من المهارة الرياضية سوى ..الفرح، وقد صار كهلا يغزو الشيب رأسه بقصته القصيرة، وبين راهن يجمعك برياضيين ومسؤولين في الداخلية والسلطة الترابية وفي الرياضة، بحضور محمد عبد الرحمان برادة، يفككون احتمالات واقع الحال.. ولشدة الانتماء كانت المولودية، في ذهني، شبيهة بمدينتها: فقد أستشف من النقاشات التي حضرتها أن مصيرها مرتبط بمصير ..مباريات فرق أخرى من بينها مباراة تجري بين حد السوالم وشباب المحمدية أو بين غيرهما ..
أما الأرقام التي احتفظت بها، ( ولست بارعا في الأرقام المالية بالرغم من القدرات التي يفترضها بعض الرفاق لي في هذا أو بعض الماهرين في الخيال..) ، هو أن المولودية مطالبة بدفع أرقام خيالية ما بين 9 و11 مليارا لكي تستقيم أوضاعها المالية، وهي مهددة بالسقوط….
احتميت كما يفعل كل الخُبريين« ( الخُبْري هو الساذج والذي لا يعرف حيل الحياة بلغة أهل الشرق ) بالحنين وبانتظار ما يمكن أن تجود به الأخبار، وما تستطيعه الحيل في إيجاد الحل.
لكن وجدة الرياضية تستحق مغامرة أبعد من هذا. أبعد من |بؤس الديون، وشبح السقوط والنسيان من كل مستقبل فسيح!
لا أحد يمكنه أن يفهم كيف يكون الشرق وعاصمته الجهوية خارج خارطة المونديال القادم: هل يمكن لمنطقة حدودية أن تُحرم، في أفق الدفع بها إلى مستقبل أفضل، من هذا البعد المتوسطي في تنظيم حفل دولي؟
ألم تكن المناسبة شرط في أن يتم تفعيل شروط الاستفادة من هذا الزمن الجديد الذي يفتح سجل العلاقات مع أوروبا ( إسبانيا والبرتغال ) عبر مونديال الربط القاري» 2030، والذي يسمح بعقد من الاستقرار والثقة المتبادلة لتطوير الهوية المتوسطية للمنطقة الشرقية، وهويتها الجنوبية الإفريقية مع فتح الطريق نحو باقي تراب المغرب، ومنه باقي تراب القارة؟
أسئلة نلمسها في أوساط المسؤولين كما لدى المواطنين ولدى المناضلين الذين يحلمون بالفعل أن تكون وجدة غير التي فرض عليها أن تكون، مرهونة لشروط القدر الجغرافي المجحف.
يبقى أن ما أتيحت لنا معرفته من مخطط التنمية الجهوي الذي ينتظر مصادقة الداخلية عليه، يجعل الأمل قائما في أن يكون للرياضة نصيب من التخطيط الاستراتيجي بشكل يؤهل المنطقة برمتها وليس فقط حاضرة بركان المباركة التي صفق لها المغرب كله.
من حسن الصدف عندما تكون مجردة، أن اللقاء بكمال السميري، الذي يكشف أيقونة جيلي، الذي بدأ يدرك المعنى مع وصوله إلى مدينة وجدة في منتصف السبعينيات للدراسة والتعرف على وجوه الكرويين .. ذكرني بمقولة كانت تنسب إليه وهو قوله» «ايلا ما جات بالقلم تجي بالقدم»«، ويعني بها أنه إذا لم ينجح في الحياة بالقلم سينجح بالقدم، في تركيب لغوي بديع. وقد أكد لي هاته العبارة عند السلام مشكورا.
ومن حسن الأقدار أنها نفس العبارة التي تشغل صاحب القرار في اللحظة التي يبحث فيها عن مستقبل للمنطقة: تشجيع الرياضة ولا سيما كرة القدم وألعاب القوى، وتشجيع المعامل العقلية، أي الصناعات التي تعتمد على الذكاء الفردي والجماعي.
ولعل فكرة بطلي الرياضي كمال السميري (رحم الله رشيدة ألكاعم التي كانت تحدثني عنه باستمرار وأنا طفل . ككل اوجادة المفتونين ببطلهم ) تفي بالغرض هنا: القدم والقلم، العقل الرياضي وعقل الرياضيات، كفرصة للخروج من وضع ضاغط للغاية!
لا بد للمخطط أن يكون نموذجيا كما تريد كل القوى الحية، في كل موطن من مواطن المسؤولية، الأخلاقية والسياسية والتدبيرية. ولا بد له من أن يكون موضوع تنسيق بينحكومي لفتح النجاح كما بدأ. ولا بد لرئيس الحكومة من أن يتحمل مسؤوليته الوطنية كاملة، ولا يتأخر في بناء تنسيق حكومي ومؤسساتي واسع لتجاوز الوضع المسدود!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 07/06/2024