وزير يبخس الحكومة، ومعارض يقلل من المعارضة!

عبد الحميد جماهري

لا تهم الأسماء ولا الصفات، لكن المتداول اليوم هو أن وزيرا في الحكومة الثلاثية الأبعاد (3D) لا يجد أي رابط بين الانتخابات وبين الحكومة…وزعيم معارض لا يرى في المعارضة سوى جوقة نحاسية أخطأت الطريق…
والواضح أن حكومة مختارة بالقرعة، ستكون أفضل عند الوزير المعني الذي قال إن الانتخابات لا تعني الحكومة
وإن الحكومة لا تعني الانتخابات…ومعارضة صامتة أفضل عند المعارض، الذي كان لأجل قريب للغاية، يعتبر أن عزيز أخنوش لا يستحق أن يكون رئيس الحكومة، فاكتشف أن المعارضة، التي هو جزء منها، لا تليق بأن تكون معارضة…
نحن الذين كنا نعتقد بأن منطقا آخر هو الذي يسري على الأشياء صار لزاما علينا أن نعيد طرح أسئلة البدايات في كل بداية…سياسية!
فقد باتت السياسة لا تربط بين الحكومة والانتخابات على عهدة الوزير الجديد، فلا الأولى تعني الثانية، ولا الثانية تعني الأولى……
رحم لله نضالا واسعا ودستورا جديدا ربط بينهما وجعل ميزة الديموقراطية في منهجيتها وجعل الانتخابات عتبة اختيار رئيس الحكومة!
ورحم لله دستورا جعل من المعارضة عمادا من أعمدة التعددية حتى باتت مجرد جوقة عند الحزب المعارض، وصار جوهر العقلانية والنضج أن لا تخرج من الحكومة لتعارضها… بل تغادرها بالصناديق لتعارض المعارضة!
تبخيس سياسي للحكومة من طرف وزير وتبخيس مؤسساتي من معارض!
إذا كان الأول يتحرك بفعل هيجان الفوز الساحق، فلا حكمة للثاني في الاندفاع بفعل الهزيمة الساحقة، وعقل المواطن البسيط مثل العبد الفقير لرحمة ربه لا عليه سوى أن يكتشف بأنه واقع في مسرحية كبيرة وأن الانتخابات »بروفة« فنية فوق خشبة لا قوانين فيها، لا الانتخابات تفرز الحكومة ولا الخروج من الحكومة يفرز المعارضة!
العقل السليم في الانتخابات السليمة لا جدوى منه ومنها…وكل ما تعلمناه من أن الانتخابات تعني التسليم بمسؤولية المواطنين المحكومين، والمساواة بينهم، ومراقبة الحاكمين، أو بالأحرى الحكوماتيين والحكومة والقدرة على معارضة قراراتها، والاحتجاج عليها …كذلك، لا فائدة منه، بلسان الوزير الجديد،… والديموقراطية الجماهيرية، التي تعكسها نسبة التصويت، لم تعد قاعدة إجبارية لتفادي معضلة التمثيلية، بل صارت الحكومة تتكون بالرغم من الانتخابات الديموقراطية وليس انطلاقا منها!
يحدث في المغرب أن السياسيين، بضربة مزاح أو ضربة مزاج، يقتلون السياسة التي يقفون على أغصانها…
ومر علينا زمان لم يعد في السياسة نقاش بل كل ما هنالك عبث وتحقير وتهافت …
وكلاهما، الذي يبصق على المعارضة إلا معارضته، والذي يبصق على الانتخابات إلا انتخابه، كلاهما يقدم المسوغات النظرية للتقنوقراط بكل أشكالها، والمسوغات لاستعمال المال ونقيضه….
ومن قال؟ ربما تكون النعامة هي الحيوان الوحيد الذي يملك حسا سياسيا؟!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 18/11/2021