… وكانوا 3 فتية رابعهم ضميرهم …!

عبد الحميد جماهري
كانوا ثلاثة …. ورابعهم ضميرهم..
ثلاثة تلاميذ من أصيلة، مر خبرهم كما لو أنهم ..
كانوا في كهف!
تقول القصة إن الأولاد الثلاثة، عثروا، أثناء عودتهم من المدرسة، ولدى وصولهم إلى ساحة محمد الخامس بمدينة أصيلا، عثروا على حقيبة يدوية وبداخلها «ثلاثة ملايين سنتيم «وأوراق نقدية من «اليورو» وجوازات سفر.
التلاميذ الثلاثة واجهوا، أولا بعض المتشردين، بعين المكان، حاولوا »انتزاع الحقيبة منهم، إلا أنهم تمكنوا من الفرار«..
ثم واجهوا عادة بدأت تتأصل، للأسف، ومفادها أن كل شيء تائه ملك من يعثر عليه..
ثم عوض أن يستفتوا بعضهم أو عائلاتهم، توجهوا إلى رمز السلطة
والقانون
والأمن
والدولة الحديثة بسليقة مدهشة وقابلية عظيمة للتعامل بروح مدنية مع أمر بسيط:
توجهوا مباشرة إلى مفوضية أمن أصيلة للتبليغ عن عثورهم على الحقيبة في الساحة……
الأطفال، توأم وزميل لهما، لم يسعدوا فقط المهاجر المغربي بهولندا الذي أضاع حقيبته..
فهو لم يخطر بباله أنهم أنقذوه، بل أول ما فكر فيه هو أنهم «سرقوه» في الساحة المركزية..قبل أن يبكي من الفرح لأطفال أعادوا إليه بسمته!
أسعدوا أيضا أهاليهم الذين رؤوا تربيتهم تثمر قلوبا نقية وعقولا سليمة من كل لوثة انتفاعية لا أخلاقية..
أي أب سيموت مرتاحا على نبتة الله في تربة البشرية المغربية
وأي أم ستحمد الله طويلا أنه أعفى ابنها من لوثة الزمن الزاحف بالغبار..
أسعدوا مدرستهم، التي رفعوها أعلى مما قد يرفعها جيل من المثابرة الدراسية الكلاسيكية..
كل مدرس كل مدرِّسة إلا ويرى إلا وترى.. جنين أمة الأخلاق وقد بقي
أسعدونا نحن الذين بدأنا نسأم من أخبار التلاميذ الصاعدين من المجهول المظلم
أو الذاهبين إليه..!
وفوق كل هذا الاحتفاء البهي، الذي كان قاعدة عامة في مجتمع كمجتمعنا، رفضوا أن يكافؤوا على سلوك اعتبروه هو الطبيعة الطبيعية في الحياة:
التلاميذ رفضوا استلام المكافأة من صاحب الحقيبة الذي أصر على مكافأتهم….
أنقذونا، في الواقع، من سحابة سوداء بدأت تحجب عنا الكثير من المظاهر المفرحة في الحياة
وفي التربية
وفي المدرسة..
ومن عويل مسترسل على نهاية الأخلاق
والعزة بالنفس
والمدنية ..
هؤلاء ، عنوان ما نبحث عنه وهو في المعيش اليومي..
هم الدليل أن الضمير لا يحتاج عمرا ما لكي يصبح …راشدا
والدليل أن الطفل قد يكون أب الأب…
لاسيما عندما نرى من لا يعرفون خلقا اسمه الأمانة..
الأمانة يا سادة يا راشدين .. يا بتوع المسؤولية…
اذكروا في القادم من الأيام
أنس
و اذكروا في السجل أيوب
واذكروا آدم….
فهم لا يحملون شفرات حلاقة
ولا سيوفا في المحافظ
ولا هم من سلالة المعنفين الصغار
هم فتية كانت الأمانة تمدهم بقوتها….
ونقائها
وطهارتها..
شكرا أنس
وأيوب
وآدم،
وأنتم تحتفظون لنا في أعماق ضمائركم بالشيء الجميل فينا..
شكرا يا كنز الضوء الذي نخبئه للأجيال القادمة……
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 05/12/2017