الحوار بالخراطيم والمراسيم ليس حوارا

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
يستشعر وزير التعليم العالي بأنه قد يكون كبش بروفة ذبح حكومية، تشحذ فيها السكاكين وتهيأ المطبات لتقديمه فداء للصحة المريضة في البلاد. حالا مع الممرضين والأطباء ومستقبلا مع الطلبة الأطباء !
وهو يركز في ذلك على أن »القرارات اتخذت من طرف الجميع وأنها، أي القرارات، من مسؤولية الحكومة برمتها وعلى رأسها رئيس الحكومة..
وهو ما يعني أنه يرفض أن تتم التضحية به على مقاعد الطلبة الأطباء أو على عتبات المستعجلات.
واختار البرلمان لكي يصرخ بذلك، كما لو كان أيوب في قصيدة محمود درويش التي غناها مارسيل: لا تجعلوني عبرة مرتين ..
وقبل ذلك امتلك رجل من الأغلبية، هو عمر احجيرة، الشجاعة الأدبية ليقول أمام البرلمان، أول أمس، بأن حزبه الضلع الثالث في المثلث الأغلبي، الاستقلال لا علم له وأن 14 اجتماعا دبرت بِليل ولا علم للأغلبية بها..(ربعتاشر )
حزبان اثنان يشكلان ضلعي المثلث الحكومي، كل واحد منهما يريد أن يتبرأ من مجريات الطب في المغرب، ومن مشاهد العجز التي تعقب المعركة في كل احتجاج..!
كما يتبرأ في السياق، من أية محاولة للفداء به..
لا حاجة للحديث عن الانسجام لأنه صار لازمة حكومية تليق كثيرا بالتقاط الصور بعد كل اجتماع للأغلبية.. ولا حاجة للحديث عن الثقة، التي يكون لافتقادها ثمن من استقرار البلاد ومن ثقة الناس في المؤسسات ومن نجاعة المبادرات..
نحن نتكلم عن ثقافة المسؤولية، والتي طالما غنينا لها وأنشدنا لها نشيد الأنشاد الدستوري : ربط المسؤولية بالمحاسبة.
خاصة وقد أعطانا الملك درسا بليغا فيها بعد أحداث الريف، والتي دام أوارها أسابيع وشهور طويلة.
هل يبادر رئيس الحكومة إلى تفعيل المحاسبة السياسية؟
لا جواب.
الرئيس مشغول بتدبيج الجمل الطيبة والجميلة حول الأغلبية المنسجمة..
وقد قررت له كلاما بليغا لم يسبقه إليه أحد حول الحوار الاجتماعي المغربي، والذي أسسنا فيه تامغربيت لم يسبقنا إليها أحد!! وقد قال يوم الثلاثاء، إن »الحكومة أسست لنموذج مغربي خالص للحوار الاجتماعي«.. ما زلت لم أميز ملامحه عن توفره على الأدبيات دوليا وقاريا، نظريا وتطبيقيا، والذي تعود إليه الأمم المتحدة، ومنظمات العمل الدولي ومنظمات التنمية…. إلخ إلخ… ولا أعتقده كان يقصد التبريد بالخراطيم وإلا لكان قد تحدث عن »الحوارطيم« الاجتماعي الشديد اللهجة!
في المشهد ما يقرف من المفارقات: رئيس الحكومة يصرح أمام برلمان، سبق له أن قال إنه ليس مهما له في التواصل، وبين المشهد الحقيقي في الشارع عن الحوار الاجتماعي.
والحال أن الحوار بالخراطيم والمراسيم ليس حوارا..
وصار من حقنا، نحن الذين نعول كثيرا على المنظومة العمومية في الصحة لكي تقف الدولة الاجتماعية على قدميها قوية معافاة، أن نتساءل إن لم يكن هناك تقويض لها بفعل تقويض المستشفى العمومي، كيف نثق في التطبيق السليم للدولة الاجتماعية إذا كانت ظروف العاملين الحاليين وظروف العاملين غدا، في مأزق أو في وضع صحي هش كبير، ولعل المحرك السياسي لم يلتقط ما يحدث في قطاع هو محور الدولة الاجتماعية وفي قلب الطبقة المتوسطة العليا..
على كل .. صحتنا مريضة شافاها لله..!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 12/07/2024