في وجدة، لن ندير قلوبنا للحلم، ولو كان عصيا…

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لن نتحدث عن شيء جديد
سوى الحلم
فآخر الأخبار، هنا على الحدود تقول بألا جديد سوى
الأحلام
سوى ما يجعل التاريخ طريا
بفعل الحاضر أولا
وبفعل ما يحمله من وعود
تؤكدها حقائق العصر الحالي، كالتاريخ كان أكثر نباهة من الحاضر، يا أشقائي، لأنه أدرك بأن الحل في أغنية جماعية
وفي مسيرة جماعية..
ولهذا
ولأسباب ملحمية أخرى،
اختار الاتحاديون العودة إلى أبعد نقطة في جغرافية بلادهم
لتكون أقرب نقطة إلى تاريخهم المشترك مع إخوانهم الجزائريين
اختاروا أقرب نقطة لجغرافية الأشقاء
لكي يتحدثوا بصوت قلوبهم عن تاريخ الدم المشترك
والحلم المشترك
والغناء المشترك، تحت سماء مشتركة
هنا في وجدة…
اختار الاتحاد أن يجسد في مسرح محمد السادس، لما في المكان من رمزية جديدة
فكرة احتضنتها وجدة منذ البداية
بما في الزمان من رمزية متجددة..
كنا في أقرب نقطة إلى الأشقاء الجزائريين، عبر الجغرافيا
أما التاريخ فهو النقطة التي احتضنت الحلم الجزائري
برجاله ونسائه
بسلاحه وغنائه
وبشبابه وشيبه
يوم كانت وجدة، المجسم الصغير للحرية في الجزائر..
تماوجت حشود كثيرة في المسرح، كما تماوجت الأحلام طوال مدة العناق
ومدة الفراق،
كان عبد الرحمن اليوسفي
وإدريس لشكر وعبد الواحد الراضي وبودرقة،
بتنسيق المهدي المزواري، يتوالون ليقولوا شعارا واحدا كقلوبنا
والحدود لا تدخل بين الأفئدة، والحب، كما في كل القصص الحقيقية التي عجنتها الأسطورة المشتركة، واحد لا يعترف بالحدود، ولا بالجمارك ولا بإشارات منع المرور.. إنه لواقع جديد أن يجد الحلم لنفسه سببا في الاستمرار..حقا إنه لمن معاندات التاريخ أن لا يستكين للاستحالات السياسية وأن يتنقل دوما بين القلوب وبين حقائق تستمر بالرغم من استعصاءات الجيواستراتيجية..هكذا لم ندر قلوبنا للحلم، حتى وأن بعضا من أضواء الواقع المر قد تعطل البصر، ولكن البصائر عكس ذلك، معاندة.. تحتفل بالذي لا ينتهي.
وإنه الحلم الذي لا يشكل جزءا من الماضي..
إلا لكي يعود بقوة المستقبل.
نأمل أن تتعب السياسة من حلمنا
والامتثال له ..
أن تتعب من إصرارنا وتدرك بأن الأخوة هنا والآن مصنع طويل الأمد
وليست فبركات سياسية عابرة..
أمواج المناضلين الذين عانقوا بعضهم، القادمين من كل جهات المغرب والحرارة التي بها كانوا يعيدون بناء ذواتهم على ضوء حلم عتيق يحمله أحد المؤسسين للحظات المغاربية، هو ذا الذي يمكن أن يصنع شيئا ما يستحق الاستمرار
وجدير بالخلود..
كنا نتحلق حول عبد الرحمن اليوسفي، من كل الأجيال ومن كل مراتب المسؤولية، كما يليق بالحالمين، ونتلمس في مساره الطويل تلك الحرارة النابعة من ضوء التاريخ والنضال واللذين لا تموت قيمهما، والدليل على ذلك هو هذه القدرة التي ما زال يملكها الماضي في النضال على مخاطبة المستقبل القريب والبعيد..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/12/2018