أخنوش.. التناقض بين الفعل .. والتواصل حوله !

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

حاول رئيس الحكومة أنْ يَبنِيَ تناقضا بين العمل …والتواصل، بين الفعل وبين الحديث عنه . ولخَّص هذا المجهود »الفكري الإعلامي السياسي« في قولة »»جينا نخدموك ما جيناش نتكلمو»…
وقبل أيِّ مغامرةٍ في فهم هذا الإعجاز السياسي اللغوي، يحسن بنا التذكير بأن العبارة التي تحدث بها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في تمرينه التواصلي يوم الأربعاء إلى جمهور الشعب المغربي، الذي غالب النعاس واستطاع السهر في انتظاره، هي نفسها التي تحدث بها رئيس التجمع الوطني للأحرار أيام كان وزيرا للفلاحة والصيد البحري في حكومة سعدالدين العثماني، في كلمة موجهة إلى … عبد اللطيف وهبي.
وكان الزمن زمن تنافس انتخابي وتنافس على زعامة المستقبل وعلى الحكومة المقبلة، وعلى خلافة البيجيدي…كان كل شيء مباحا تقريبا .
بعد الانتخابات أصبح الرجلان معا واقتسما الكراسي واقتسما الهواية نفسها واقتسما نفس »الخدمة«…
واليوم، يعود أخنوش بنفس البلاغة، مقابلة الكلام بالعمل، والتغيير الذي لم ينتبه إليه هو أن المرسَل إليه هو الشعب المغربي قاطبة وليس المنافس السياسي الانتخابي سابقا، والحليف الحكومي حاليا…
لا فرق بين الرايَتَيْن يعني، في فقه اللغة التواصلية لعزيز أخنوش…
وما كان يصلح في زمن ما قبل الحكومة يصلح بعدها، وهو الفارق الذي لم ينتبه إليه زعيم التواصل السياسي إبان الانتخابات…
فالحقيقة أن الأمر غريب نوعا ما من رجل استطاع أن يفرض نفسه بفضل استرسال تواصلي منقطع النظير لم ينافسه فيه أحد… قبل العمل .
أي في زمن الوعود، وليس زمن المنجَز..
لنا عودة إلى ذلك…
بل إن الرجل نفسه كان قد فتح مسالك تواصلية في كل بقاع الانترنيت والفيسبوك والكبسولات، لم تختف سوى بعد دخوله القفص الدستوري لرئاسة الحكومة. ومن الاكتساح التواصلي ما قبل الانتخابات إلى البخل التواصلي أيام المؤسسات، حيث تقزمت بوابات التواصل في البنايات الحكومية الرسمية التي لا تتجاوز الأنشطة والبيانات…والمادة موجودة في المواقع الرسمية للحكومة ورئاستها…
على كل … هذا التواصل الذي أشتغل به سابقا أصبح … عالة إن لم نقل منقصة في السياسة وأصبح من بعد الحد الثاني في معادلة فلسفية: هل السابق هو التواصل، أي الكلام، أم العمل…؟
في الواقع، في هذه المفارقة يمارس رئيس الحكومة تقليصا مهيضا للتواصل السياسي باختزاله في الهضرة أو الكلام أو تقرقيب الناب أو التعاويد …إلخ.
وهو بحد ذاته منحى سلبي للغاية يختزل التواصل السياسي، المؤسساتي منه والعمومي، والضرورة الأخلاقية والسياسية له في تقديم القرار السياسي للناس، كمَسعى…غيرِ منتجٍ، بل كعمل أقل شأنا من الفعل الميداني !
وهو عودة إلى زمن كان السياسي، الذي يتولى التدبير يتأفف من مخاطبة الناس، ولا يرى في التواصل عملية بيداغوجية للتربية السياسية والتنشئة المواطنة الفعلية.
ولا يعطي أهمية للحق في المعلومة، التي يجب أن تتوفر في كل لحظة وفي كل حين، ومن منبر التواصل المؤسساتي والديموقراطي ، عبر الإخبار وعبر الاتصال وعبر التواصل، والتي يمكن أن تقوم عتبة ومقدمة إيجابية بالنسبة للقادم من الأيام والشهور والسنوات…
ولنا أن نسأل : ماذا لو أن المواطنات والمواطنين لجؤوا إلى الاختزال نفسه ولخصوا العملية برمتها في جملة مشابهة، وقالوا « سمعنا وعودا انتخابية ولم نر عملا…».
أو يكونون قساة قليلا ويضيفون : «لم نر عملا …ولا رأينا تواصلا.»
ذلك أن الناس ينتظرون التواصل للقيام بالمقارنة بين وعودك الانتخابية، ككيان حزبي وسياسي ومؤسساتي اسمه أحزاب الحكومة وبين منجزك…
صحيح، أليست الوعود كلاما هي أيضا وقد أكثرت منه في الانتخابات وفي تقديم البرنامج الحكومي وفي قانون المالية إلخ…إلخ.
والحقيقة أن محاولة التسلل بين التباسات الفعل والتواصل حوله قد تكون تقريبية لا تليق برجل عملي و»أعمالي« قويم…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/01/2022

التعليقات مغلقة.