أسئلة أمام ماكرون قبل ان يخوض «مستقبلا» مشتركا مع المغرب؟

عبد الحميد جماهري

أمام ماكرون سؤال سياسي بسيط لكي ينظر من زاويته الى علاقاته الدولية لا سيما القارية: هل يفضل ترميم الذاكرة مع جزائر حرب التحرير ، التي ورثها عسكر مسكون بسطوة السلطة وقسوتها، أم يحسن به تحيين فكرة التحرير نفسه في عواصم أخرى ، يثور فيها العسكر على باريس كما في مالي والنيجر وبوركينافاسو؟..
السؤال ليس ترفا، فالعسكر في كلتا الحالتين «غنيمة حرب»، كما أن الجواب جوهر ما يخرج من تحركات ماكرون في شمال القارة ووسطها أي : إما أن يجعل من أفضلية الجزائر عند باريس قاعدة التعامل الدولي، على حساب المغرب،
وإما أن يجعل من منافسة أدوار المغرب ونفوذه في القارة السمراء أفضليته في التعامل مع الدول الإفريقية الفرانكفونية. وقد استعادت نزعتها التحررية من ربقة باريز وحدها؟
ومن هذه الزاوية كذلك، على باريس أن تسائل نفسها: هل يكون رئيسها صادقا، عندما يكتب في رسالته« فرنسا، بإخلاص واحترام، جعلت دوما التعاون مع المغرب أولوية ».
و هل يملك أدوات طموحه، سياسيا وديبلوماسيا وإستراتيجيا عندما يكتب « القدرة النموذجية للشراكة الاستثنائية التي تربط فرنسا والمغرب كفيلة بإيجاد الأجوبة المناسبة للرهانات الكبرى في الوقت الراهن.»؟
في الواقع أن مرد التساؤل هنا، ليست القراءة في النوايا او التشكيك فيها لترسبات قديمة عند المغاربة ازاء الدولة المستعمرة سابقا، بقدر ما هو تساؤل على قاعدة المقارنة مع ما ورد في رسالة التهنئة للسنة الماضية ، والتي لم تختلف في «شاعريتها النثرية » وبلاغتها عن الرسالة الحالية؟
ولنا أن نذكر بتلك الرنة الفرنسية المعهودة في المناسبات والتي يمكن إجمالها في ما يلي :
تحدث ماكرون عن
ـ تشبثه بالعمل مع جلالة الملك
ـتعميق الشراكة المتميزة التي تجمع بلدينا،
ـ روابط الصداقة التاريخية التي تحمل فرصا كبيرة ستمكن الاستحقاقات المقبلة رفيعة المستوى من تطويرها
ـ تعزيز العلاقات الثنائية كأمر ضروري، أكثر من أي وقت مضى
وهي بلاغة تمتح من الحقل الدلالي نفسه الذي امتحت منه الرسالة بمناسة عيد العرش هذه السنة..
ومرد السؤال كذلك الى كون الفرنسيين، ومن الدائرة الحاضنة لماكرون فكريا وانتخابيا بدأوا ينظرون الى ما يحدث لفرنسا في معاقلها، لا سيما ذات المردودية الاقتصادية والطاقية ، المرتبطة باليومي الفرنسي، قبل النفوذ الجيوستراتيجي ؟
وهم انفسهم الذين ينفثون الغضب عند متابعة عجز الدولة عن حماية فرنسييها في افريقيا قبل حماية ثكناتها؟
وأمام مانويل ماكرون ثالثا ، تصريحات تبون يوم السبت الماضي التي قال فيها إن « زيارته الرسمية لفرنسا لا تزال قائمة»
مضيفا بأنه ينتظر برنامج الرئاسة الفرنسية‫..‬
وبالرغم من كون تصريحات تبون فيها نوع من «توسل» الزيارة، فإنها مع ذلك لا تخلو من إحراج للاليزيه ، إذ عليه أن يختار موقعه بين العساكر ، بكل ألوان راياتهم في القارة من جهة وبين نظام ديموقراطي ، مستقر وقوي وشريك موثوق جعل الجدية قاعدته في العلاقة مع العالم برمته، والقارة نفسها خصيصا، من جهة أخرى‫..‬
وان غذا لناظره لقريب‫ لنعرف هل يدرك ماكرون على أي قدم سيرقص عندما يكون «الباليه» …إفريقيا! .‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 07/08/2023