إشارات متناقضة 1- تسريح العمال بمساعدة من الحكومة!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

لا زلت لحد الساعة أتردد في وصف ما حدث:حكومة تجر ذيول الجائحة تسمح للباطرونا بتسريح خمس العمال، بمقابل…
ذلك هو ما أعلن عنه صراحة وزير المالية، عند تقديم القانون المالي التعديلي، واستفردت بغنائه الحكومة في أول اجتماع لها بهذا الخصوص.
للتوضيح أكثر ، وكي تكون للفداحة سعتها الحقيقية، قررت الدولة أن تمنح للمقاولات دعما تكميليا من أموال صندوق كوفيد، إذا ما احتفظت المقاولات بأربعة أخماس من العمال، …أي80في المئة.
أرادت الحكومة، في تسويغ معكوس، أن تقدم حفاظ المقاولات على 80في المئةمن العمال كنقطة إيجابية.
أي أن تقول لا تنظروا إلى من سيغادرون العمل، بل انظروا بتفاؤل إلى من سيظلون في مقرات العمل.
وعلى اعتبار أن ذلك من حسنات التدبير الحكومي، هل حددت الحكومة ، مثلا، كم تمثل 20 في المئة من المطرودين في الكتلة البشرية العامة؟
حددت الحكومة الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي، cnss كمعيار لتلقي الدعم، بنسبة الإبقاء عن 80 في المئة،
وهوما لا يمكن أن نأتمن الحكومة عليه، إذا كان وزير التشغيل فيها لا يحترم التصريح بمستخدميه، هل يملك الجرأة الكافية ليرفع صوته ضد الباطرونا،
وإذا كان رئيس الصندوق الاجتماعي نفسه لا يعتد بالتصريح فيه،كمعيار للنزاهة الوطنية، هل يمكن أن يتجرأ على أن يهدد الباطرونا في حالة ثبوت أنها لا تحترمه؟
دعونا نستبعد ذلك، بدون اتهامنا بأننا نبحث للمنجل عن غمد.. ودعونا أيضا ننظر إلى المسألة في إخراجها الكلي:
الوزير نفسه أخبرنا أيضا أن الدولة ستدعم هذه المقاولات، على أساس أن تحتفظ بأربعة أخماس ،ودعونا نقول إنها ستدعم المقاولات على أساس تسريح خمس العمال، الذين انخرطوا في الصندوق..
ولم تقدم الحكومة العدد الحقيقي لهذه النسبة التي ستتعرض للتسريح.
كم من ألف؟
كم من عائلة؟
كم من منصب شغل ؟ سيكون عليها أن تحدد من بعد عودته إلى العمل وفتح مناصب مالية لتشغيله، إذا كان بمقدوره فعلا أن يعود إلى العمل؟
هناك أزيد من 250 مقاولة مصرحة في الصندوق، وقرابة أربعة ملايين أجير مصرح عن المقاولات، حسب موقع الصندوق ليوم أمس، وإذا احتسبنا فقط عاملا لكل مقاولة مصرح بها لدى الصندوق، سنكون أمام 250 ألف عامل وأجير،
أما إذا كان العدد أكبر فإننا سنكون أمام جيوش من البطالة، ستضاف إلى من تجمدوا في الحياة بدون الحق في الشغل طيلة سنة 2020، زد عليها أن المغرب سيكون متأخرا عن سوق التشغيل …بدورتين، وأكثر من مادة في المدة..
في المجال العملي، لم تعط الحكومةإشارات متناغمة.
في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة يجالس المركزيات، كان وزير المالية يدعو أمام البرلمان إلى لقاء بين الباطرونا والنقابات، ويحثهم علي المصافاة والتعاون، والتحاور، كما لو أنه غير معني أو يعطي تأويلا آخر للحوار الاجتماعي غير التأويل الذي كان يمارسه رئيسه في الحكومة.. وقال في معرض تقديمه لمشروع قانون المالية التعديلي خلال جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان، «أوجه (…) نداء إلى كل الشركاء الاجتماعيين والقطاع الخاص من أجل فتح حوار مسؤول حول الرهانات المرتبطة بتجاوز هذه الأزمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والانخراط الجدي في التأسيس لميثاق جماعي مبني على وضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، وضرورة بذل مجهود من كل الأطراف لتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية وربح رهان الحفاظ على مناصب الشغل».
وهو هنا يضع المسؤولية على الطرفين بدون وجود الحكومة، على عكس ما كان العثماني يقوم به..
لسنا في تناقض الإشارات، بل في عدم تسبيب السياسة نفسها بالفعل الاجتماعي..
مع هذا التصدع في فهم الحوار الاجتماعي يضاف القرار بتجميد التشغيل لسنة كاملة، وهو ما سيكشف لنا عن الظرف الاجتماعي الذي ينتظرنا..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/07/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *