الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com

 

لم‭ ‬يعلق‭ ‬المغرب‭ ‬رسميا‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬جلسة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬لأنها‭ ‬جولة‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬عنها‭ ‬قرارات،‭ ‬والمغرب‭ ‬ينتظر‭ ‬جلسة‭ ‬أكتوبر،‭ ‬لذلك‭ ‬‮.‬‭ ‬سفير‭ ‬المغرب‭ ‬عمر‭ ‬هلال‭ ‬أعطى‭ ‬قراءته‭ ‬للسياق‭ ‬الذي‭ ‬تندرج‭ ‬فيه‭ ‬إحالة‭ ‬دي‭ ‬ميستورا،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مضامينها،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تأرجحت‭ ‬قراءة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬لمحتويات‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬بين‭ ‬‮..‬‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‮!‬

فلا‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬المبعوث‭ ‬الشخصي‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬ستافان‭ ‬دي‭ ‬ميستورا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬الترحيب‭ ‬اللامشروط‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬الأسود‭ ‬فيه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدفعنا‭ ‬أن‭ ‬نرميه‭ ‬ونهاجمه‭ ‬هجوما‭ ‬عدميا‭ ‬يلغي‭ ‬ما‭ ‬حققناه‮.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬حذر‭ ‬إزاء‭ ‬التقرير،‭ ‬ليس‭ ‬بفعل‭ ‬العادة‭ ‬التي‭ ‬اكتسبناها‭ ‬مدة‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬ولا‭ ‬بفعل‭ ‬أحابيل‭ ‬وازدواجية‭ ‬الشخص‭ ‬المعني‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القراءة‭ ‬المتأنية‭ ‬‮.‬‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬في‭ ‬الرفض‭ ‬المنهجي‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يأتينا‭ ‬منه،‭ ‬بل‭ ‬يلزمنا‭ ‬باستمرار‭ ‬ميزانا‭ ‬دقيقا‭ ‬دقة‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬وزن‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬في‭ ‬التقرير‮..‬‭ ‬ونستخلص‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬من‭ ‬موقف.وفي‭ ‬هذا،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نخفي‭ ‬بأننا‭ ‬احتفظنا‭ ‬من‭ ‬التقرير‭ ‬بما‭ ‬يساير‭ ‬التوجه‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬بلادنا.ونعتبر‭ ‬بأنه‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬التحفظات‭ ‬التي‭ ‬أثارها‭ ‬التقرير‮.‬‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬‮«‬كثرتها‮»!‬

لم‭ ‬يخف‭ ‬الإيطالي‭ ‬السويدي،‭ ‬يوما،‭ ‬أفضليته‭ ‬السياسية‭ ‬والانفعالية‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الصحراء‮.‬‭ ‬ولم‭ ‬يُخْفِ‭ ‬المغرب‭ ‬توجساته‭ ‬منه‭ ‬قبل‭ ‬تعيينه،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬المبعوث‭ ‬الشخصي‭ ‬للأمين‭ ‬العام،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يخْفَ‭ ‬عن‭ ‬المغرب‭ ‬ما‭ ‬راكمه،‭ ‬بعد‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬أسقطت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬شخصيات‭ ‬أكثر‭ ‬وزنا‭ ‬منه،‭ ‬وأكثر‭ ‬تحصينا،‭ ‬ليس‭ ‬أقلهم‭ ‬وزراء‭ ‬أمريكيون‭ ‬سابقون،‭ ‬وشخصيات‭ ‬وازنة‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬جيمس‭ ‬بيكر‭ ‬وكريستوفر‭ ‬روس،‭ ‬بكل‭ ‬انحيازهم‭ ‬الواضح‭ ‬والفاضح‭ ‬لأطروحات‭ ‬الجزائر‭ ‬العتيقة‮..‬‭ ‬

ما‭ ‬هو‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الأسود‭ ‬إذن‭ ‬؟‭ ‬لنبدأ‭ ‬بالقائم‭ ‬من‭ ‬مضامينه‮:‬

ـ‭ ‬الفقرة‭ ‬2‭ ‬والفقرة‭ ‬4‭: ‬تحدث‭ ‬أولا‭ ‬عن‭ ‬‮”‬‭ ‬تطورين‭ ‬ثنائيين‭ ‬حديثين‭ ‬للغاية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهما‭ ‬آثار‭ ‬مهمة‭ ‬‮”‬،‭ ‬وأعلن‭ ‬ثانيا‭ ‬‮”‬في‭ ‬إطار‭ ‬جهد‭ ‬ثنائي‭ ‬لم‭ ‬يُشر‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية،‭ ‬استقبلت‭ ‬السلطات‭ ‬الجزائرية‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسي‭ ‬ستيفان‭ ‬بارو‮(‬‭ ‬اسمه‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬جان‭ ‬نويل‭ ‬بارو‭ ‬وليس‭ ‬ستيفان‭ ‬‮!!!.)‬‭ ‬عقب‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬تبون‭ ‬والرئيس‭ ‬ماكرون‮.‬‭ ‬

والملاحظة‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬أقحم‭ ‬الزيارة‭ ‬الفرنسية‭ ‬كما‭ ‬البيان‭ ‬الصادر‭ ‬عقب‭ ‬المكالمة‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬وبيان‭ ‬ماكرون‭ ‬لم‭ ‬يشيرا‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‮.‬

ثانيا‮:‬‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬‮”‬عودة‭ ‬للهدوء‭ ‬‮”‬‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تخاصمها‭ ‬بسبب‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬سيادة‭ ‬المغرب،‭ ‬كان‭ ‬يجدر‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬الزيارة‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا‭ ‬وما‭ ‬صدر‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬الأزمة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬‮..!‬

‮-‬‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ ‬5‭ ‬‮:‬‭ ‬يتحدث‭ ‬ديميستورا‭ ‬عن‭ ‬‮”‬خطر‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‮”‬‭ ‬ويعدد‭ ‬أسبابه‭ ‬في‭ ‬‮:‬

‭ ‬‮+‬‭ ‬التوترات‭ ‬المستمرة‭ ‬

‮+‬انعدام‭ ‬الاتصال‭ ‬الدبلوماسي

‮+‬‭ ‬إغلاق‭ ‬الحدود‭ ‬

‮+‬‭ ‬الزيادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬مشتريات‭ ‬الأسلحة‭ ‬والنفقات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‮.‬‭ ‬ليختم‭ ‬بالقول‭ ‬إن‮”‬‭ ‬هذه‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬تُعد‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالبيئة‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهذا‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬تسهيل‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬للقضية‭ ‬‮…”.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬التالية‮:‬

1ـ‭ ‬التلويح‭ ‬بوجود‭ ‬خطر‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬تلويح‭ ‬تسعى‭ ‬الجزائر‭ ‬والانفصاليون‭ ‬إلى‭ ‬تكريسه‭ ‬كتهديد‭ ‬مستمر‭ ‬منذ‭ ‬نونبر،‭ ‬وحل‭ ‬استفزازات‭ ‬الكركرات‭ ‬في‭ ‬نونبر‭ ‬2020‭ ‬‮.‬

2ـ‭ ‬هو‭ ‬تهديد‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬أنه‭ ‬فعلي‭ ‬ومن‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬البلاغات‭ ‬المتواترة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬فلول‭ ‬الانفصال‮.‬‭ ‬

3ـ‭ ‬يتزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬للجزائر‭ ‬التي‭ ‬تقاطع‭ ‬الموائد‭ ‬المستديرة،‭ ‬وتعلن‭ ‬صراحة‭ ‬مقاطعتها‭ ‬لقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬تقرير‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‮.‬

4ـ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خافيا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التلويح‭ ‬وتعطيل‭ ‬مقررات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ومهمة‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬نفسه،‭ ‬هو‭ ‬تكتيك‭ ‬جزائري‭ ‬تريد‭ ‬منه‭ ‬الجزائر‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬هلعا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بوجود‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬جديدة‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الأصلية‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1991،‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬صارت‭ ‬متجاوزة‭ ‬ومنها‭ ‬الاستفتاء‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬كان‮.‬

5‭ ‬ـ‭ ‬ويتضح‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬يضع‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أوردها‭ ‬وراءها‭ ‬الجزائر‭ ‬وحدها‮:‬‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬وإغلاق‭ ‬الحدود‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬التسليح‭ ‬والتباهي‭ ‬به‭ ‬والمناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬‮…‬‭ ‬كلها‭ ‬قرارات‭ ‬جزائرية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬اليد‭ ‬الممدودة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المغرب‭ ‬ودعوات‭ ‬رئيس‭ ‬دولته‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬صفحات‭ ‬جديدة‭ ‬إلخ‮!‬

ـ‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ ‬7‭ ‬‮:‬‭ ‬يقول‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬في‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬إنه‮”‬‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬قناعتي‭ ‬وطلبي‭ ‬بأن‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُشرح‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التفصيل،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬توضيح‭ ‬الصلاحيات‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬تفويضها‭ ‬لكيان‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الحقيقي‭ ‬‮”.‬

‭ ‬وفي‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة،‭ ‬وهي‭ ‬مركزية‭ ‬في‭ ‬التقرير،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التسويغ‭ ‬الذاتي‭ ‬لدى‭ ‬المبعوث‭ ‬الشخصي‮:‬

1‮.‬‭ ‬يقدم‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬وكأنه‭ ‬انتصار‭ ‬لأطروحته‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬قدمها‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬وليس‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬2020‮.‬

2‮.‬‭ ‬يغفل‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬بأن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬امتداد‭ ‬للموقف‭ ‬الداعم‭ ‬للسيادة‭ ‬بوضوح‭ ‬وبلا‭ ‬لف‭ ‬ولا‭ ‬دوران‭ ‬وبدقة‭ ‬متناهية،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬الحل‭ ‬للنزاع‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬تأويل‭ ‬السيادة‭ ‬‮!‬

3‭ ‬‮.‬‭ ‬يتحدث‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬عن‮”‬‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬وتوضيح‭ ‬الصلاحيات‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬الكيان‭ ‬المستقبلي‮..”‬‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬المنطقي‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬للمغرب‭ ‬أن‭ ‬أجابه‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬مناقشة‭ ‬تقاريره‭ ‬السابقة‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬تقريره‭ ‬في‭ ‬أكتوبر،‭ ‬والسابق‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعلن‭ ‬عنه‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬أبريل‭ ‬الجاري،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬‮”‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬نقطة‭ ‬الوصول‮”‬‭ ‬وليس‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬والانطلاقة،‭ ‬وأن‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤخذ‭ ‬كله‭ ‬أو‭ ‬يترك‭ ‬كله‮!‬

4ـ‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬تفاصيل‭ ‬المقترح‭ ‬وخلاصاته،‭ ‬قبل‭ ‬الاعتراف‭ ‬به‭ ‬كسقف‭ ‬للحل‭ ‬يروم‭ ‬تغييب‭ ‬معطى‭ ‬أساسي‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬مقترح‭ ‬يتقدم‭ ‬به‭ ‬المغرب،‭ ‬حسب‭ ‬خطاب‭ ‬الملك‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬نوفمبر‭ ‬2014‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬التاسعة‭ ‬والثلاثين‭ ‬للمسيرة‭ ‬الخضراء،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬جلالته‭ ‬إن‮:‬‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هي‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمه‭ ‬المغرب‮…‬

5‭- ‬يتحدث‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬عن‭ ‬صلاحيات‭ ‬‮”‬كيان‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‮”‬‭ ‬وفي‭ ‬هاته‭ ‬العبارة‭ ‬مضمرات‭ ‬سياسية‭ ‬و«لا‭ ‬شعور‮»‬‭ ‬سكاني‭ ‬وترابي‭ ‬يكشف‭ ‬تصوره‭ ‬القبلي‭ ‬لما‭ ‬يراد‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسعاه،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬حسم‭ ‬سقف‭ ‬المبادرة‭ ‬بقول‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الخطاب‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬فهم‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬‮”‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ضعف،‭ ‬أو‭ ‬اتخاذه‭ ‬كدافع‭ ‬لطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنازلات‮”‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬عليه‮!‬

6‭- ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬هذا‭ ‬التحفظ‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬هو‭ ‬تمطيط‭ ‬الزمن،‭ ‬واللعب‭ ‬على‭ ‬الوقت،‭ ‬وتيئيس‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬الحل،‭ ‬وهناك‭ ‬بالفعل‭ ‬مخاطر‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬سقطت‭ ‬فيه‭ ‬خطة‭ ‬الاستفتاء‭ ‬ذاتها‭ ‬أي‭ ‬الخلاف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل،‭ ‬‮(‬‭ ‬المسجلون‭ ‬في‭ ‬لوائح‭ ‬الاستفتاء‭ ‬وطبيعة‭ ‬الأسئلة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمضامين‭ ‬الاستفتاء‮….‬إلخ‭ ‬‮)‬،‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تدرك‭ ‬استحالة‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬الاستفتاء‮.‬

‭ ‬يتبع

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 17/04/2025