الأزمة بين باريز والجزائر: فاصل ونواصل !

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
اعتقدت القيادة الجزائرية أنها ربحت جولة مع القيادة الفرنسية، عندما »فرضت» إبعاد وزير الداخلية روتايو عن ملف الوضع بين البلدين.
وجاء هذا الاعتقاد، ولا شك، من كون الرئيس عبد المجيد تبون كان قد طلب من فرنسا، من خلال رئيسها، أن تظل نقط الخلاف حصريا بين القصرين، المرادية والإيليزيه، وبمتابعة من وزير الخارجية جان لويس بارو…
كثيرون أسقطوا هذا الرهان، الذي راود القيادة الجزائرية بأن تحول ملفها إلى نقطة خلاف داخل الطبقة السياسية. ولهذا كان الهجوم عنيفا على وزير الداخلية مقابل الترحيب بنظيره في الخارجية؟
هل للأمر علاقة بمقولات ذاتية، بروفايلات الرجلين أم للأمر، كما اعتقدنا لوهلة، علاقة بطبيعة أسلوب الرجلين في تدبير الملف الجزائري، بين الأسلوب الديبلوماسي وبين الأسلوب »الأمني« ممثلا في وزارة الداخلية.
في الجواب لا يمكن أن نقفز على ما كتبه عبد الله العروي، في محاولة فهم تدبير الجمهورية الفرنسية لعلاقتها بدول المغرب الكبير أو شمال إفريقيا الفرنسية (( لقد نسينا معطى بسيطا: بالنسبة للحكومة الفرنسية، تعتبر شؤون المغرب من اختصاص الكي ضورسيه( أي وزارة الخارجية ) وشؤون الجزائر من اختصاص ساحة بوفو أي. وزارة الداخلية، وهو شيء ينمحي من بعد بصعوبة من الأذهان ))«.
ويبدو أن »اتفاق تولي الخارجية الأمر الجزائري. لم يصمد أمام »ذهنية« مترسخة في الطبقتين السياسيتين معا.
وبينت الخلافات الحديثة، والتي جاءت بعد أقل من أسبوع على مكالمات الرئيسين، وزيارة وزير الخارجية وتصريحه الطويل العريض المليء بالأمنيات، ليلة زيارته للجزائر، بينت أن القطيعة عميقة. وقد كان كافيا أن تمارس باريس واحدا من حقوقها في الدفاع عن سلامة من يعيشون فوق ترابها لكي تهتز كل النوايا وتسقط.
القضية التي تمتحن العلاقات، ذات دلالات متراكبة: من جهة هناك الوضع الخاص باتهام موفد قنصلي بالتورط في محاولة اغتيال معارض جزائري معروف. بعد سلسلة من القضايا ذات الشبه بين الدولتين.
وهو أمر يتخذ طابعا استعصائيا عندما يتعلق بالأمر بجريمة فوق التراب الوطني لأية دولة.
ومن جهة ثانية هناك اعتقال وإحالة على القضاء على خلفية قضية لا تقل عنها خطورة هي الإهانات التي تلقتها فرنسا في قضية بوعلام صنصال..
يبدو أن هناك توازن الرعب بالقانون بين الدولتين: موفد قنصلي مقابل كاتب، كان الفاصل الربيعي الذي لم يدم أسبوعا كاملا بدون أي تأثير على عشق الصراع.
ويمكن لهواة التحليل البوليسي أن ينظروا إلى القضية من زاوية إصرار المدرسة السابقة في الداخلية بعدم التسليم بالتحولات التي تريدها القاعدة الجزائرية الجديدة، كما قد يكون النسف من داخل القيادة الجزائرية التي لم تسلم بأن تبون هو حصان السباق عند باريز في صراع الأجنحة الداخلية والعمل على نسف أي دعم له في هذا الصراع..
في كلتا الحالتين هناك ما يجري، وهو أقل من الديبلوماسية، وأكبر بقليل من القانون!
يأتي ذلك في وقت لم تنجح فيه الجزائر في علاقات الجوار كلها:
لا جنوبها في الساحل ولا غربها، ولا في تطويق أزمات الجوار الغربي ليبيا وتونسيا.. علاوة على العزلة مع الصناع الدوليين للقرار الإقليمي، ومنهم واشنطن وموسكو..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 15/04/2025