الجبهة الحقوقية، المبعوث الشخصي، والحرب في الصحراء

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

يعقد مجلس الأمن، يومه الأربعاء، أول جلسة له، منذ استيلام جو بادين زمام الرئاسة في الولايات المتحدة، وبعد اعتراف سلفه بالسيادة المغربية على الصحراء .
وهو اجتماع له أهمية خاصة، بالرغم من العودة السنوية للقضية الوطنية كل شهر أبريل.
فالاجتماع الحالي يحظى بترقب كبير، من طرف الرأي العام الوطني، كما من جانب الأطراف الأخرى المعنية بالقضية.
وحاولت القوى العدوانية أن تكيف جدول الأعمال الخاص، بالضغط إعلاميا على قضايا ذات الصلة بالقرار الأممي الأخير، كالعملية السياسية أو المبعوث الخاص للأمين العام، أو التوهيم بعودة الحرب الضروس في الصحراء و»انتصار» الانفصاليين في فرض واقع عسكري، من خلال إعلانهم خرق وقف إطلاق النار.. بخصوص قضية المبعوث الشخصي، دعت الولايات المتحدة، في آخر موقف لوزارة خارجيتها، إلى تعيين هذا المبعوث، وهو ما لا يرى فيه المغرب أي حرج او ضرر، باعتبار آخر مكالمة لملك البلاد مع الأمين العام حول التشبث بالعملية السياسية ومواصلتها، أو من خلال الإعلان عن احترام الأمين العام بخصوص تعيينه ممثله الشخصي.
وقد وجدت جبهة البوليساريو، من خلال ممثل لها في نيويورك، في وضعية الدفاع في وجه الحقائق الإعلامية التي نشرت حول مساعيها لإفشال تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء.
وقد نشرت الجمعة ردا على تقارير تناقلتها عدة وسائل إعلام، تفيد رفضها لمقترح يخص هذا المنصب.
وقد كتبت وكالة فرانس بريس أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أخفق مرة أخرى مؤخرا في مسعاه لتعيين مبعوث إلى الصحراء الغربية، وهو منصب شاغر منذ نحو عامين، وذلك بعد رفض جبهة البوليساريو مرشحا برتغاليا، وزكى عمر هلال ممثل بلادنا في الأمم المتحدة هذا الخبر، في رسالة إلى مجلس الأمن (انظر مقالة في الموضوع )، عندما أكد أن المغرب وافق، بشكل فوري، على مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تعيين مبعوث شخصي للصحراء المغربية، المتمثل في رئيس الوزراء الروماني السابق، بيتري رومان، في دجنبر 2020، ووزير الشؤون الخارجية البرتغالي، لويس أمادو لاحقا.
وينضاف هذا الرفض إلى ما سبق حول شخصيات عدة جرى التواصل معها خلال عامين اعتذرت بعد طلبها مهلة للتفكير .
ومن حيث لا تدري، أكدت البوليساريو الدول التي لا ترفض ممثلين منها، حيث ذكر البلاغ الصادر عنها أن «المملكة المغربية(… ترفض أي مرشح من دول معروفة بحيادها، مثل الدول الاسكندنافية وأستراليا وألمانيا وسويسرا وهولندا «!
والحال أن هورست كوهلر كان ألمانيا
بيتر فان فالسوم كان هولنديا
وجوهانس مانز كان سويسريا
ايريك جنسن، كان من الدانمارك، أي من الدول الاسكندنافية، لماذا لم ترفضهم بلاد المغرب إذن؟
إن الذاكرة تغفو عن الحقيقة عندما تكون مفوضة لنظام آخر!
في نفس الوقت، لا ينتبه قادة البوليساريو بأن لا أحد من الذين يساندونها الآن من المبعوثين الخاصين، تحدث عن عرقلة عمله من طرف المغرب..
لا واحد من المبعوثين الخاصين إلى الصحراء، من الذين يعلنون اليوم صراحة مساندة البوليزاريو، وكلهم من كبار الساسة الأمريكيين، لا بولتون ولا كريستوفر روس ولا جيمس بيكر، كتب أو صرح بأن المغرب عرقل مهمته..
أو ادعى بأنه واجه عرقلة مغربية أفشلت مهمته..
هذا هو الدليل على احترام المغرب لمؤسسة الأمين العام، مع دفاعه المستميت عن حقه، وحقه لن يسقط بوجود أمين عام ومبعوث شخصي من عدمه!
في الواقع، هناك من خلق ظروفا يستحيل معها العمل، وهي دولة الجزائر التي تضع القضية في »الجباد الكبير« كما نقول..
وهي عمليا سعت إلى إفشال تعيين أي مبعوث، أولا بكونها لا تشجع المرشحين على قبول منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء. وتقود في المقابل حملة تضليل حول الموضوع.
وعندما صرح صبري بوقادوم: «نطالب منذ ما يقرب من عامين بتعيين مبعوث جديد للصحراء».انتقده ناصر بوريطة من الداخلة عندما رد عليه بأن بلاده تعرقل تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء.
وتساءل «من الذي يعيق تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة؟».
وقال: «المغرب قال نعم منذ البداية لتعيين مبعوث خاص». «إذاً من يعترض؟ من الذي رفض الأول (المرشح الذي اقترحه أنطونيو غوتيريش لمنصب المبعوث الخاص إلى الصحراء) والذي لم يحدد موقفه بعد من الاقتراح الأخير؟»، وأضاف أن « المغرب لا يتدخل في صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة، ويظل، في نفس الوقت، متشبثا بالمبادئ والمحددات التي يتبناها مجلس الأمن لإيجاد حل لقضية الصحراء».
العنصر الثاني في تكييف مزاج الرفض من طرف المبعوثين المفترضين، هو حول دفع محمييها إلى انتهاك وقف إطلاق النار، والحديث اليومي عن عودة الحرب وتنظيم الهجمات البارودية،.. إلخ.
* نسف العملية السياسية بنشر دخان كثيف حول ضرورة تطبيق القرار2584 الأخير لمجلس الأمن ..
* يتزامن هذا التوجه مع تصاعد التعبئة الخارجية والإقليمية حول موضوعة حقوق الإنسان، ذات الصلة مع القضية الوطنية.
وعلى المستوى الرسمي، نذكر الهجوم الذي شنه وزير خارجية الجزائر على بلادنا، باسم حقوق الإنسان: وإذا كنا نسلم بأن الجزائر هي آخر دولة تملك مصداقية وشرعية طرح الحقوق الإنسانية، فإن التذكير، مع ذلك، بمواقفها لا بد منه لنفهم مركزية هذه الورقة في هجومها علينا، في علاقة مع أمرين اثنين:
– عقد مجلس الأمن الأممي لجلسة مغلقة حول قضية الصحراء.
– عودة الدعوة إلى توسيع مهام المينورسو لتشمل البند الحقوقي غير المرصود في مهامها الأصلية.
ويترافق كل هذا، مع السعار الانفصالي والمساندين له وتنويع مهام الضغط، ومنها عريضة لمنظمات وهيئات إسبانية تطالب بالإسراع في إطلاق سراح من تسميهم» المعتقلين السياسيين الصحراويين.
واغتنام مناسبة 17 أبريل كيوم للمعتقل السياسي. من أجل توجيه كل الأضواء نحو بلدنا من زاوية الاتهام بخرق حقوق الإنسان …في مثابرة غريبة، تلتقي فيها كل خطوط الطول وخطوط العرض، تستحضر حساسية الموضوعة الحقوقية في ثقافة الديموقراطيين الأمريكيين، الذين يديرون دفة البلاد حاليا..
وهي محاولات تأثير واضحة، تريد أن تنسي الرأي العام إقليميا ودوليا، ما يتحقق في الأرض، وأيضا على مستوى الإقرار الدولي بأدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجالس الجهوية التابعة له. سواء تقارير الاتحاد الأوروبي أو الخارجية الأمريكية أو تقارير الأمين العام انطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي..
وتبدو الحلقات هنا متصلة، ولا مصادفات فيها..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 21/04/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *