الرئيس الجزائري: إسبانيا قوة مديرة للصحراء رغما عن أنفها 2/1

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

«يعرفها» أكثر من نفسها…!

الواضح أن الرئيس الجزائري مقتنع تمام الاقتناع بأنه يعرف إسبانيا ووضعها السياسي وقراراتها الدولية أكثر مما تعرف هي نفسها، ولا يتردد في إعطاء الدروس عن ذلك وتنظيم اللقاءات الصحافية لتقديم دروسه التاريخية والأخلاقية عن.. بعد!
فهو اعتبر في مقابلة مع وسائل الإعلام الجزائرية، يوم السبت الماضي، أن التحول في موقف إسبانيا تجاه قضية الوحدة الترابية للمغرب «غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا»(كذا)!
وطالب الرئيس ـ الواجهة «بتطبيق القانون الدولي حتى تعود العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا»..
الإسبانيون لم يضيعوا وقتهم في ما سموه «البوليميك العقيم»، (وترجمته بالدارجة المغربية هي «البوليميك الخاوي»)، وأقصى ما رد به وزير الخارجية خوصي ألباريس، هو أن القرار الخاص بالصحراء قرار سيادي، ويدخل في صميم القانون الدولي، وأغلق الملف..!
غير أن ما يهمنا أبعد منذ ذلك قليلا، ويتعلق باليمين السياسي الذي يصر الرئيس عبد المجيد تبون على تأديته، عندما يقسم للإسبانيين أنه يعرف بلادهم أكثر من رئيس وزرائها وأكثر من الملك فيليبي السادس ومن والده خوان كارلوس وكل المسؤولين..! ويصر عليهم جميعا كي يقبلوا به كاتبا للسيناريو الذي يحدد الدور الذي اختاره لها ولهم قاطبة!
فالرجل، يعيد على مسامع شعبه، وعلى مرأى من العالم كله، معطيات لم تعد ذات بال، بل هو يصر على تزييف حقائق تتعلق بالدور الإسباني في قضية الصحراء المغربية، ويعيد «تدوير»- الرسكلة recyclage، مواقف لا أحد يعتد بها، وهي في مجلمها أكاذيب عن سبق إصرار وترصد.
1 ـ يقول عبد المجيد تبون إن «الجزائر دولة ملاحظة في ملف الصحراء»، وهو ما لم يعد ينطلي على أحد، باعتبار أن العالم يتابع المجهودات المالية والديبلوماسية والسياسية والعسكرية والنفسية حتى، والتي تبذلها بلاده ونخبتها العقيمة منذ خمسين سنة، في مناهضة المغرب وفي تمويل مشاريع الانفصال في الجنوب المغربي.
2 ـ يضيف عبد المجيد تبون بأن» الأمم المتحدة، تعتبر أن إسبانيا القوة المديرة للإقليم، طالما لم يتم التوصل لحل»…
وهنا يثبت الرئيس الجزائري قدرة رهيبة على… العماء التاريخي والجهل الجغرافي والتزوير العمدي للحقيقة، كما تعرفها الأمم المتحدة، وتعرفها إسبانيا ويعرفها تابعوه في مخيمات العار والسراب.
وهو أمر يثير الشفقة أكثر مما لا يستوجب منا الحراك الديبلوماسي ولا استنهاض العقل التاريخي.. ولا الاستنجاد بالمنطق والعقلانية، بل مجرد تنقيب سريع في «مواد» موجودة في كل مواقع المعرفة والقرارات الدولية.
أ ـ لنبدأ أولا في توضيح مفهوم القوة المديرة: من الواضح أن المفاهيم الضابطة للقانون الدولي، قد اختلطت في ذهن الرئيس عبد المجيد تبون بين «القوة المحتلة سابقا» للصحراء و«القوة المديرة للإقليم» كما يسميها.
فهو لا يريد أن يعرف بأن «القوة المديرة» مفهوم مؤطر دوليا بالقانون، وبأدبيات الأمم المتحدة، كما هو متعارف عليها دوليا، ولا يخضع،كما يتوهم، إلى رغبات باثولوجية يريدها أن تصبح حقائق دولية..
وعليه، فالدول الأعضاء التي تتحمل المسؤولية في إدارة مناطق ما والتي تنعت بالأقاليم غير المستقلة ذاتيا، حسب ميثاق الأمم المتحدة هي:
الدول التي يفرض عليها واجبها أن تكون » قوة تعمل على رفاه ونمو الساكنة في المناطق المعنية؛
ج: الدول التي تساعد ساكنة الإقليم المعنية على تدبير نفسها؛
د: الدول التي تحرص على الأخذ بعين الاعتبار تطلعات. السكان السياسية؛
ه: الدول التي تعمل على إطلاع الأمم المتحدة على الأوضاع في المنطقة وإخبارها بكل مستجداتها!
ولعل الأمثلة في أوربا كثيرة منها فرنسا مثلا هي القوة المديرة لكاليدونيا الجديدة، وبولونيزيا، كما هو حال نيوزيلاندا مع توكيلاو، وبريطانيا مع بيرمودا وجزر الفوكلاند (المالوين ).. الخ!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 27/04/2022

التعليقات مغلقة.