اللهم اجعل هذا البلد آمنا!

عبد الحميد جماهري

يُقدِّر العبد الفقير إلى رحمة ربه أن المغرب مستعد، بكل ما يملك من هدوء ورباطة جأش، لتصاعد الاستهداف الداخلي والخارجي، لأمنه وأمن أجهزته الأمنية وسلامة أبنائه وأراضيه.
فالسنة التي ندشنها، ستكون سنة حدث أمني دولي، من الطراز العالي، وهو احتضان أشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للشرطة الدولية الأنتربول، المقرر تنظيمها في دجنبر من 2025.
وهو تكريس سبقه انتخاب والي الأمن محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية الذي يرأس المكتب المركزي الوطني- أنتربول الرباط، لشغل منصب نائب رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية عن قارة إفريقيا، في تصويت بالأغلبية العالية.
ومن مصلحة العديد من الأطراف، الداعشية وغير الداعشية، أن تشوش على الحدث بحد ذاته، رامية من وراء ذلك إلى أن تصاب سمعة البلد المضيف بأثر أسود وبلطخة دم، تظهره بمظهر البلد غير القادر على تلجيم الغريزة الإجرامية فوق ترابه ووقف الزحف الإرهابي.
ويتضح من ذلك أن التيارات المتطرفة لم تتعب، في الاستقطاب أو في التجنيد أو في البحث عن حاضنة نفسية وشعبية لأفرادها ودوافعها.
ولعل توالي تفكيك الخلايا دليل مادي لا يحتاج إلى برهنة، على أن المجهود ما زال متواصلا وسيظل كذلك مع اقتراب الموعد الدولي في مراكش.
وليس خافيا أن المغرب، الذي احتضن المؤتمر الأول فوق تراب القارة، للتحالف الدولي ضد داعش، سيظل هدف الدواعش المفضل في تجريب آخر أسلحتهم وابتكاراتهم وتكتيكاتهم، علما أن من عناصر قوة الأجهزة المغربية، داخليا وعلى مستوى خارطة العالم :
ـ »تدريب قوات الأمن والتعاون النشط في منطقة الساحل، حيث يلعب المغرب دورا حاسما في احتواء التهديدات الإرهابية«.
ـ ما بناه من »تحالفات استراتيجية مع الجهات الفاعلة المؤثرة مثل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الإفريقية، ودوره المركزي في الاستجابة للتحديات الأمنية في القرن 21«.
ـ العلاقات الجيدة التي تقيمها مصالح الأمن في المغرب مع نظيراتها الأمريكية والأوروبية على وجه الخصوص، والاعتراف الدولي بخبراتها.
ومما يعزز هذا التوقع أو التوجس، هو التعالق العضوي الذي صار يجمع بين الانفصال والإرهاب، وساحاته التي تشكل المجال الحيوي للمغرب، في قارتنا عموما وفي منطقتنا خصوصا.
والسنة هي في نفس الوقت سنة الذكرى الخمسين للمسيرة واسترجاع الصحراء، والتي من التوقع أن يجعل منها المغرب عاما للطي النهائي والانتقال إلى وضع جديد لا يتنفس فيه الانفصال وتضييق مساحات تحرك الإرهاب. علاوة على ردود الفعل الممكنة من طرف الخاسرين من هاته المعادلة.
إلى جانب ذلك، لا ترعوي بعض الأصوات عن النيل من المجهود الأمني المغربي، حتى باتت الخطوة من الانتقال، باختلاق الإرهاب، إلى ..الدولة البوليسية، خطوة مستسهلة ولا يتورع أصحابها عن الحديث عنها بدون خجل .. ناهيك عن الحديث عنها بالدليل!
هناك إذن تقاطع المصالح والجهات والدوافع في استهداف المغرب، يقوم الأمن في مواجهته بواجبه الوطني المتعالي، كالعادة، ويستلزم من المغاربة استحضار كل الأبعاد والالتباسات التي تحرك خصوم بلادهم.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 28/01/2025