‭ ‬المغرب وسوريا: من الجولان إلى .. الجولاني!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com

لا أريد خارطة تفصيلية للعلاقة، هي مجرد تداعيات فقط أعادتني إلى زمن بعيد، إلى تلك السنة البعيدة من زمن زواج السياسة بالجمر، حين وقف عبد الرحيم بوعبيد ليحيي، في تقريره السياسي المقدم إلى المؤتمر الاستثنائي المرجعي في سيرة الحركة الاتحادية وعموم الديموقراطيين التقدميين، المجاهدين في الصحراء والجيش المغربي العائد من الجولان.
وقف ليبعث، باسم المؤتمر الاستثنائي، وبإجماع أعضائه،» تحية أخوية إلى المجاهدين الصحراويين الذين تصدوا لقوات الاحتلال الإسبانية بشجاعة مثالية، كما أنه حيى بنفس الحرارة، الجيوش المغربية للقوات المسلحة الملكية (كذا) التي بعدما قامت بواجبها بجانب أشقائنا السوريين والمصريين، على جبهتي الشرق الأوسط، تنتظر القيام بواجبها من أجل تحرير أقاليمنا المغتصبة«…
سيواصل الجيش المغربي في الصحراء المحررة، بعد المسيرة الخضراء، ما بدأه في الجولان وفي صحراء سيناء..
لم تحتفظ سوريا، الأسد الأب، سوى سنوات قليلة بالود، فبعد خطاب لحافظ الأسد الذي يشيد بالمغاربة وجيشهم في معركة الجولان، وإطلاق اسم التجريدة المغربية على ساحة من ساحات سوريا، انقلب النظام على الجيش المغربي.
ساند النظام ميلاد جمهورية تيندوف، وكان من أول الأنظمة في ذلك، حيث اعترف بالكيان الوهمي في أبريل1980، في عز الحرب التي كان يخوضها الجيش المغربي في الصحراء، ويسقط فيها أبناؤنا البواسل برصاص المرتزقة والجيش الجزائري، كما سقط الجولان برصاص الاحتلال الإسرائيلي…
اختار نظام دمشق الحليفَ الأيديولوجي المعتدي على حساب الدم المغربي.
جرت مياه ودماء كثيرة تحت جسر الزمن منذ أيام الجولان.. إلى أيام الجولاني، الذي دخل دمشق ـ… (فاتحا)!
كان المغرب يواصل معركته لتحرير أرضه بمواطنيه ومجاهديه الصحراويين، وكان ينتظر عودة جنوده من الجولان ومصر ليقوم بمهام التحرير والتحصين ..
وربط المناضلون بين التحريرين!
وبقي المغرب كذلك..
لكن الذين كانوا يتربصون به. ربما كانوا سيهاجمون المغرب، لو أن جيشه عاد من جديد إلى الشرق الأوسط أو إلى الجولان أو مصر.
سألني ضابط سابق: من يضمن لنا أن الجيش الجزائري الذي تربى على أننا العدو التقليدي رقم واحد، لن يجتاح حدودنا لو أن جيشنا عاد إلى الجولان؟
سؤال شبه فلسفي وفيه غير قليل من الخيال التاريخي والسياسي، لكنه نابع من غصة لم تنس…
تواصلت السياسة بعد ذلك التاريخ، ولم ينس المغرب وحدة سوريا وطموحها ومجدها…لكنه لم يصدق أبدا نظاما دعم الجمهورية الوهمية، وظل حريصا على السلام مع العدو على جبهة الجولان نصف قرن بالتمام والكمال. أي 1974!
أما حكاية الممانعة سيقول التاريخ فيها كلمته..
ربطنا بين التحرير شرقا والتحرير جنوبا لأن المغرب صادق في الحرية!
وفي التراب.
ولمن يسعون جاهدين إلى فرض مجال وحيد للحرية: إما الاستبداد أو الفوضى وضياع التراب، نقول :
لم نكن أبدا نعتقد بأن تحرير أرضنا يتطلب تأجيل الديموقراطية، لهذا ربط المناضلون الأوائل بين التحرير والديموقراطية والاشتراكية أو النمو وتوزيع الثروة بعدل.
وقال الاتحاد بأن تحرير. الأرض لن يكون توسيعا من الموارد البشرية، لأجل الاستعباد، بل إن تحرير. الأراضي فيه توسيع لمجال الديموقراطية..
لا، ليس المجال الوحيد للسوريين هو الاختيار بين الاستبداد أوالمليشيات المسلحة والتدخل الأجنبي.
بل كان الدرس العميق لمغرب الربع الأخير من القرن، هو أن الجدلية تربط بين الحرية والوطن، وكان على النظام السوري في تقدير ثقافتنا أن يتنازل لشعبه قبل أن يتنازل عن الوطن كله!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 11/12/2024