المنافسة: ماذا لو بدأنا التحليل من تشكيلة اللجنة المكلفة نفسها؟ -1-

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

تمثل المنافسة للاقتصاد، ما تمثله الديموقراطية للسياسة، وهذا وحده كاف، لكي نستطلع قوة الرجة التي أحدثتها الأخبار ذات الصلة بموضوع مجلس المنافسة، ولاسيما عندما يكون الامتحان، ذا صلة قوية بمجال قوي، هو مجال المحروقات…
يمكن أن نخمن، أن هذه المادة التي حركت البشرية، منذ نهاية الثورة البخارية، وما زالت تحرك كل حروبها، بالرغم من الإعلان المتكرر عن قرب زوالها وتباطؤ تأثيرها بفعل المرحلة الثالثة من الثورة الحديثة، يمكن أن نخمن الأثر الذي يمكن أن تحدثه في دولة تعاني النقص منها.
وإذا كانت الدول التي تملكها بوفرة، لا تسلَمُ سياساتها ولا استراتيجياتها من إسقاطاتها، وتخضع بشكل كبير لتأثيرات رهانات القوة حولها، وتتأثر،(عموما سلبا) بوجودها- كما في حالة الخليج- يمكن أن نخمن تأثير هذه المادة على دول تعاني من نقص حاد فيها، وتفتح كل فضاءاتها برا وبحرا وهواء من أجل الوصول إلى بديل لها والتحرر منها..فنحن في المغرب أمام تأثير مضاعف: تأثير الخارج، وتأثير الداخل، ولكل كلفته الاقتصادية والمالية والاجتماعية.. ومركَّباته المصالحية، ذات التشعبات القوية.
لذلك سيكون السؤال الأكثر نجاعة هو: ماذا لو بدأنا التفكير في أجل الحسم في قرارات مجلس المنافسة والتحقيق فيها؟
أول ملاحظة هي أن أغلب أعضائه لهم علاقة بالمحروقات، قبل حتى أن يثار موضوع التواطؤات والمنافسة حولها..
وقبل وبعد إنعاش المجلس المكلف بالمنافسة ودخوله غمار قضية لا أحد كان يراها بسيطة وعادية وسهلة..
كيف ذلك؟
فحسب الترتيب المعلن عنه في البلاغ الملكي، نجد أن من بين أعضائها:
-1- رئيسا مجلسي البرلمان.
وللبرلمان، على الأقل بالنسبة للغرفة الأولى، قصة تحكى في قضية المحروقات، وفي قضية بداية الموضوع من أصله.
فهو كان الحاضنة التشريعية للقرار الحكومي بالتحرير الشامل للقطاع، في عهد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران.
وهو كان أيضا الفضاء التشريعي الذي احتضن التدخلات، معارضة وأغلبية، حول التسقيف والمراقبة، وكان الوزير المكلف بالحكامة لحسن الداودي قد أعلن أمامه بالفعل الالتزام بهذا الاحتراز الضروري في الأسعار، قبل أن يتم نسيانه!
والقبة البرلمانية تم الشروع، تحتها، في عمل قلما تشرع فيه البلاد، هو لجن التقصي، وهي مطالبة بإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها (الجلسات المخصصة لتقديم أعمال لجان تقصي الحقائق)، وفق الشروط الواردة في الفصل 67 من الدستور والقانون التنظيمي الذي يحدد تسييرها، (القانون التنظيمي 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق)، وكذلك كان في موضوع المحروقات.. وقد كان يوم الثلاثاء 10 يوليوز 2018، إبان الدورة التشريعية : دورة أبريل 2018 ، يوم جلسة عمومية لتقديم ومناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول كيفية تحديد أسعار البيع للعموم، وحقيقة وشروط المنافسة بقطاع المحروقات بعد قرار تحديد الأسعار، جلسة ترأسها عبد العزيز العماري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب.
وبالرغم من كل ما قد يقال عن التفاصيل ومآلات النتائج المتمخض عنها، فإن لجنة تقصي الحقائق البرلمانية هي التي فتحت الباب واسعا للاستنكار والغضب، قبل مجلس المنافسة…!
والجميع يذكر كيف تلقت المنابر الوطنية الخلاصات التي قدمها رئيس فريق التقصي، باسم الحزب الذي يقود الأغلبية، وكيف أن الجميع شعر بالفعل بروائح الغاز تخنق البلاد، وكيف تعالت المطالب بتفعيل بند الضمير الوطني واسترجاع المال الذي تم كسبه من ذلك….
نذكر جميعا أن البرلمان هو الذي احتضن النقاش الأول، وهو الذي احتضن الصرخة الأولى، وأنه هو الذي كان الفضاء الأول لكشف كل ما تفرع من أرقام وأرباح، جعلت المغاربة يتنذرون- وما زالوا- مع كل موقعة نفط.
والخلاصة هي أنه لا أحد من البرلمان -أوباسمه- يمكن أن يلغي هذه القصة المشوقة من حوليات المجلس الموقر، وهي القصة المستنكرة كذلك لمآلات تدبير المحروقات في زمن صعب وحرج.
يمكن القول، من الآن، إن البرلمان في الجانب الغاضب من التاريخ ! باسم التزامه بما سبق وباسم احتضانه لما وقع من مساءلة مؤسساتية ورقابية وتشريعية لواقع الحال.
هل سيكون لتقريري مجلس المنافسة تأثير تعديلي على مزاجه وخلاصاته؟
نطرح السؤال وننتظر……

 

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/08/2020