امتحان أو غير امتحان، هذا هو السؤال؟
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لا يمكن أن نشاطر الناطق الرسمي الجديد للحكومة، السعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.. التفاؤل أوالثقة التي يتحدث بها عن مستقبل الامتحانات في بلادنا، كما لا يمكننا أن نشكك فيها.
فهو يكون قد انطلق، من المعطيات المتوفرة له، أو قد يكون المنطلق هو، الموقف المحدد سلفا، ومنذ بداية الموسم.. مهما كانت الشروط التي تغيرت.
ونقصد بذلك، العمل من أجل أن تعطي المدرسة الوطنية ،بكل تركيبتها الاشارة بأننا ثابتين وألا شيء سيزلزلنا ، وأن الكورونا لم ولن تمس إيقاع تعليمنا وما يترتب عنه.. ولرما أن المدرسة من الوقة بمكان، حتى في الوضع العادي مما يسمح لها أن تعبر الانواء والعواصف دون كثير تأثر..
سأكون صريحا في هواجسي..
أولا: السيد الوزير يتحدث بثقة في أن المقرر وصل الى 75 ٪ من مجموع مواده، وبالتالي فالوضع يسمح بتقرير مصير التلاميذ.
سؤال بسيط من مواطن بسيط: كم من تلميذ استفاد، من قبل ومن بعد الحجر من هذه النسبة، بمعنى آخر :كم نسبة التلاميذ الذي استفادوا من مائة في المائة ، من هذا البرنامج الوطني للتدريس، داخل القاعات والفصول، وقبل تغيرات المناخ العام؟
لا أحد يستطيع أن يقدم جوابا، وربما هذا ما قد يسعف الوزيرفي القول: لكي نعرف ذلك، لا بد من أن نجري الامتحانات، وفي الامتحانات يعز المتعلم أو يهان»!
وهنا، سندخل بثقة عتبتها 75٪ وإلغاء ربعها…وعدم الأخد بعين الاعتبا بما تأسس من هوة بعد دخول زمن «خارج القسم»..
ثانيا: يقر السيد الوزير أننا لسنا فرنسا. أُشهد لله أنني مقتنع بهذه الفكرة تماما، وإن لم أكن في حاجة الى وزير من بلادي لإثبات ذلك.
يكفيني أن يكون هو مقتنعا بأننا غير ذلك، بل أن تعليمنا لن يتأثر بالجائحة كما تأثرت فرنسا، و يكفيني أن يكون مقتنعا بأن المدرسة الوطنية في مستوى يتجاوز ذلك، وأن التلاميذ، كل التلاميذ، اذا وضعوا امام الاختيار سيختارون، هم وأولياؤهم طبعا، المدارس الوطنية المتيمزة جدا عن المدارس الفرنسية،بما فيها تلك التي توجد في بلادنا!
ثالثا: يتحدث السيد الوزير كما لو أننا في وضع طبيعي في كل تفاصيله، وأن نسبة التفاوت، إن لم أقل عدم المساواة في مدارسنا الوطنية، نسبة ضئيلة ،وأن التدريس عن بعد سيكون كافيا لدرء هذه الهوة السحيقة داخل المدارس، لا سيما العمومية؟
والحال أن السؤال الحقيقي هو: كم من تلميذ قادر فعلا، إنْ تملَّك وسائل التدريس من خارج المدرسة، أن يتابع الدروس؟
لا شك أن السيد الوزير له علم بالارقام التي قدمها زميله في المالية عن نسبة الخصاص في بلادنا، وما كلفته لكي يجد الناس الحد الادني من شروط العيش، قبل أن نتحدث عن أمور اخرى؟
هذه الارقام الأولية – ودون اخضاعها لمقاربة مجالية أو طبقية ـالجهات والفآت الاجتماعية – تقول: إن عدد المستفيدين من المساعدات المالية بلغ إلى حدود ليلة الخميس 9 أبريل، حوالي 1.3 مليون شخص، سواء تعلق الأمر بالمنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين اضطروا للتوقف عن العمل بسبب جائحة كوفيد19، أو أولئك الذين صرحوا عبر نظام المساعدة الطبية راميد.
على الوزير أمزازي أن يدقق ما إذا كان كل هؤلاء، وأبناؤهم قادرين على متابعة ما بقي من السنة الدراسية، في الشروط غير العادية التي يعشونها، ولهم القدرة على وضع أدوات التحصيل عن بعد بين أيدي الأبناء.
لنسأل الجماعات الترابية ومديري الاكاديميات والمدراء في القرى والمدن الصغيرة عن نسبة المتابعة، بالرغم من المجهود الجبار والمشكور ، والذي نرفع له القبعات كلها في البلد، الذي تبدله الدولة المغربية سواء في شخص الوزارة أو في شخص المؤسسات الاخرى ، التلفزية وغير التلفزية في هذا الباب، دون أن ننسى المدرسين بكل أصنافهم؟
ثالثا: هل الزمن الدراسي استوى فعلا، لكي نتحدث عن سير عاد، منتظم ومنتج؟
بمعنى آخر هل وصلنا الى تحقيق ما يجب تحقيقه لكي تكون المتابعة، على الاقل في حدود 75 ٪ من التلاميذ، على غرار 75٪ من البرنامج الدراسي، الذين يعنيهم الامتحان؟..
لا أحد يمكنه الجزم، في ظرف استثنائي، ليس التلميذ لوحده هو الذي يعاني من ضغطه النفسي أو من متلازمة الامتحانات، بل الاسرة برمتها اليوم، تحت ثقله ماديا وجسديا وفضائيا واجتماعيا..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 13/04/2020