حراس الفوضى والانفصال..
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لم تلجأ إيران إلى أية تقية دبلوماسية في دعمها للمليشيات الانفصالية، وأعلنت أمام دول العالم بوضوح على لسان زهراء ارشادي، السفيرة ونائبة ممثل إيران في الأمم المتحدة، عن دعمها لمن سمته “الشعب الصحراوي”، ودعت إلى دعم الانفصال صراحة، من خلال ما سمته “مسؤولية الأمم المتحدة تجاه شعب الصحراء وحقه في تقرير مصيره”.
ودعت مندوبة إيران المجتمع الدولي إلى “تكريس جهوده لتمكين الشعب الصحراوي من التمتع بحقوقه ونيل استقلاله”، وإلى “تكريس نفسه لتنفيذ جميع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأراضي المستعمرة المتبقية، بما في ذلك الصحراء” على حد قولها.
هذه التصريحات التي تأتي في سياق دولي بالغ التوتر، وصل إلى حد الحروب التي تهدد منطقة الشرق الأوسط بكاملها، جاءت في الواقع لتؤكد الثوابت الجديدة للملالي في طهران، وقادة التشيع المذهبي إزاء المغرب من جهة، ثم لتؤكد ما سبق للمغرب أن اشتكى منه، للإيرانيين أنفسهم أولا، ثم للعرب والمسلمين، وللعالم ثانيا وثالثا، وكشفه للرأي العام الوطني داخليا.، ألا وهو دعم الانفصال، ماديا وعسكريا،ومن خلال الحرص على تسليح ميليشات البوليزاريو، فوق التراب الجزائري ونقل الخبرة الميدانية، عن طريق حزب الله إلى هاته الميليشيات..ثم ترسيم الغطاء السياسي والدبلوماسي،عن طريق المنبر الأممي.
لقد سبق لوزير الخارجية المغربي أن صرح بأن “المغرب يعاني من التدخل الإيراني”، ووصفها بـ”الراعي الرسمي للانفصال والإرهاب في العالم العربي”، ولم يسلم المغرب من هذه الرعاية المذهبية العدوانية.
أقامت دولة الملالي الحجة على نفسها.حجة الله والعباد. ولم يعد هناك مجال للخلط والتستر وراء أي شعار ترفعه في تبرير العدوان على المغرب.
لن تنطلي علينا قولة العداء للنظام، لتبرير العداء على التراب والإنسان والكيان المغربي.
ولقد سبق أن لاحظنا هذا المنطق عند البوليساريو قبل الاعلان عن المسيرة الخضراء بأقل من ٤٨ ساعة: لقاء الوالي الأمين العام للباليزاريو ومع غوميز سالازار الحاكم الاسباني علي الصحراء، أعقبته تصريحات بأن البوليزاريو علي استعداد للمحاربة الى جانب الجيش الاسباني اذا هاجمه المغرب.. وبعد ذلك سيستأنفون الحرب على المحتل!!!
لم نكن من الذين يبحثون عن هاته الحجة في الواقع، ولا من الذين يطالبون بلادهم بأن تأتيهم بالدليل القاطع على تورط إيران في تدريب الانفصاليين “والفاعلين غير الحكوميين المسلحين”، لكي يحسنوا الظن بالمغرب!
ولكن إيران أعطت الدليل لمن كان في حاجة إليه، لاسيما الذين يعتبرون أي صرخة ألم من بلادهم هي عليهم وضد ….فلسطين!!!
قد يقول قائل بأن دولا اخرى، على نذرتها، كانت لها نفس التصريحات، لكن الذي يهمنا هو أن ايران أريد لها أن تكون جزء من مشهدنا العام، السياسي والعاطفي المغربي الداخلي ولهذا نوضح ما لا يحتاج إلى توضيح في الواقع!
لقد استصغرت إيران آلاف المغاربة ومئات الآلاف الذين خرجوا للتظاهر ضد الحرب، وضد دولة الاحتلال ومن أجل فلسطين ولبنان. وطعنتهم في الظهر، في حين اعتقد غير قليل منهم، عن حسن نية، أنها تقدر بلادهم ووحدتها الترابية، وأن وطنهم يعني لها شيئا مقدرا ومقدسا.
لقد تابعوا هم أيضا تكريس جهودها من أجل طعن المغرب ،ومحاربته في حقوقه التي استشهد من اجلها ابناؤهم..!
لقد حددت إيران لمن يناصرها ضدا في بلدانهم، الصفة والاسم: أتباع مذهبيون، الأغبياء الضروريون لها في الدعاية الإيديولوجية ..بل المتواطئون ضد بلدانهم من أجل وهم ثوري لا دليل عليه!
هذا التوضيح السياسي من إيران يتعالق مع تقارير متطابقة تحدثت عن تسليم إيران جبهة “البوليساريو” طائرات “درون” مُسيَّرة لضرب المغرب موَّلتها الأطراف المتواطئة المعروفة من تحت عمامة الملالي..
ونحن نذكر أن من يسمى عضو الأمانة العامة للجبهة الانفصالية، عمر منصور، كان قد اغتنم في السنة الماضية فرصة استقباله في موريتانيا، وتباهى بأن “البوليساريو” ستستعمل “طائرات مسيرة مسلحة ضد الجيش المغربي”..
وذكرت مصادر إعلامية متطابقة، منها مصادر إيرانية، أن إيران تفعل ذلك بوضوح، كما ثبت عن محمد جواد كريمي قدوسي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني في شتنبر الماضي 2023 قوله إن إيران “توفر طائرات دون طيار لكل دولة تحتاجها، وأنهم يدفعون ثمن الطائرات المسيرة وأن مساعدات إيران ليست مجانية”.
هكذا تحصل طهران على الزبدة السياسية وفلوس الزبدة العسكرية!
الحرس الثوري صار حرسا للفوضى والخراب في العديد من الدول التي فتحت فيها إيران أبواب الجحيم السبعة، وهو قد انتقل للعمل في مشتل إفريقيا بعد أن منحته الجزائر قاعدة للتحرك. وستدفع ثمنه عاجلا أم آجلا لا قدر الله . فلا توجد قدم إيرانية في بلاد ما إلا صار أعزة قومها أذلة، وفسُدت قراها.
وهمُّنا هنا أن نشاهد انتقال حراس الفوضى والانفصال إلى منطقتنا بسبب العماء السياسي للجيران. وبسبب الغرور الإيراني، في التجني على الشعب المغربي، في وقت تواجه فيه شبح حرب طاغية قد تكلف العالم، وليس المنطقة وحدها، ويلات لا قبل له بها..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 17/10/2024