حكم ذاتي مغربي … عبر العالم؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com
مغاربة العالم: في انتظار التحول الجديد
لا شك أن طابع المبالغة قد يتبادر إلى الذهن عند قراءة هذا العنوان، ولا شك أن الانطباع الأولي يوحي بأنها صيغة تنطوي على قدر من المبالغة تهم مواطنين مغاربة فوق التراب العالمي وجِهتهم الثالثة عشرة بأقاليمها المتعددة. جهة بأقاليم لا توجد محل نزاع، لكنها في المقابل محل بحث عن تمثيلية تقوي ارتباطهم بالمغرب، وطنهم، وبمؤسساته، وارتباط في عمقه أبعد من ارتباط المصالح والعناية والاستفادة بل ارتباط بديموقراطية المغرب والمساهمة في توسيع وعائه الترابي.. وانشغالات البلاد في التحول إلى قوة ما فوق إقليمية ومركز دولي جيوستراتيجي بوظائف تتجاوز نفوذ «السلطة اللينة»، إلى المساهمة الحضارية في العالم المعاصر، وربط الهوية الإيمانية بالديموقراطية والقيم الكونية.. وهذا موضوع يستحق لوحده مساهمة خاصة!
وتتزامن عودة مغاربة العالم مع النقاش الانتخابي، وفي قلبه تمثيلية المغاربة وإطارهم المؤسساتي.. والحال أننا نعتقد بأن ملك البلاد دعا إلى ما هو أعلى وأعمق من تمثيلية برلمانية محدودة عدديا ومحكومة من حيث التأثير في السياسة العامة. حيث دعا جلالته في خطاب المسيرة 2024 إلى «هيكلة الإطار المؤسساتي» بهدفه المعلن بكل صراحة متمثلا في :
ـ إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بمغاربة العالم.
ـ ضمان عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين.
ـ التجاوب مع حاجياتهم الجديدة.
ولعل الهندسة الإصلاحية التي وضع أسسها الملك في الخطاب المذكور تدعنا نفكر بصوت مرتفع، بدون الخوف من المبالغة في شكل من أشكال» الحكم الذاتي المؤسساتي»، وذلك عبر التوفر على صيغة برلمانية بصفتها التمثيلية والتوفر على حكومة بصفتها التنفيذية…
ذلك من خلال (مجلس الجالية المغربية بالخارج )، في ما يشبه البرلمان، وله من خصائص المؤسسات التمثيلية :
ـ الاستقلالية الدستورية باعتبار أنه سيكون «مؤسسة دستورية مستقلة «.
ـ القوة الاقتراحية، وذلك باعتباره «إطارا للتفكير وتقديم الاقتراحات».
ـ القوة التمثيلية الشاملة باعتبار أنه سيعكس « تمثيلية مختلف مكونات الجالية».
وهي قوة مضمونة بمقتضى الدستور، وقد يحسن تمديد صلاحياتها إلى إدماج ما تفرزه في إطار صيغة تكامل مع المؤسسات التشريعية الوطنية…
أما الصفة التنفيذية إذا شئنا، فتتمثل في (المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج)، وهي بمقتضى منطوق الخطاب الملكي تمثل :
ـ» الذراع التنفيذي للسياسة العمومية في هذا المجال» سواء ما يتقرر من خلال «برلمان» الجالية أو ما يتحدد في البرلمان الأم والمؤسسات الوطنية الواسعة…
ـ ومن مهامها جواز» التضخم المؤسساتي « الذي تراكم طوال سنين، حتى بتنا نشاهد مؤسسات- مثل مجلس الحسن الثاني الذي انتهت صلاحياته منذ عشرين سنة- ما زالت «تشتغل» جنبا إلى جنب مع مؤسسات أخرى!
ـ وفي قلب التوجيه الملكي، يوجد تكليف المؤسسة المحمدية بـ»تدبير الآلية الوطنية لتعبئة كفاءات المغاربة المقيمين بالخارج».
هذا الطموح الملكي الواسع، المعرب عنه في الخطاب بوضوح تام، يتجاوز التمثيلية المتعارف عليها إلى حد الساعة وما تثيره من توجسات ومن أسئلة … إلخ..
الصيغة المعتمدة وفهمها، بسقف عال، هو ما سيتيح الأجرأة المعتمدة لهذا الطموح، ويمكن المغرب من استقطاب كفاءات عالمية، في مختلف المجالات، العلمية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والرياضية، ويوفر لها المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، لتعطي أفضل ما لديها، لصالح البلاد وتنميتها، ويسمح بتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة، وإعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها …
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 09/08/2025